رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا: “قرار تاريخي” يفتح الباب للفرص ويستوجب إصلاحات هيكلية

في خطوة وصفها الخبراء الاقتصاديون بـ”التاريخية”، وقّع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في مطلع يوليو/ تموز 2025 أمرًا تنفيذيًا يقضي برفع العقوبات الأمريكية المفروضة على سوريا، مما يمهد الطريق لفرص جديدة في الاقتصاد السوري، ويعتبر خطوة نحو التعافي بعد سنوات من النزاع والدمار.
رغم ذلك، أكد الخبراء أن هذه الخطوة لا تعني انتهاء المعاناة الاقتصادية، بل تتطلب تطبيق إصلاحات هيكلية جذرية.
فرص اقتصادية جديدة
قال الباحث في العلاقات الاقتصادية الدولية عبد المنعم حلبي إن القرار يمثل جزءًا من استراتيجية أمريكية شاملة لتخفيف الضغوط الاقتصادية على دمشق، مشيرًا إلى أن “الأهم من رفع العقوبات هو إمكانية دخول شركات تطوير عقاري كبرى إلى السوق السورية، ما يمثل انطلاقة حيوية في إعادة الإعمار”.
كما أكد أن هذا القرار يفتح المجال لعودة سوريا إلى السوق المالية الدولية لأول مرة منذ سنوات طويلة.
حلبي أشار أيضًا إلى أن رفع العقوبات سيسهل تنفيذ المشاريع الدولية التي تم التعهد بها، مثل تلك التي تم الاتفاق عليها في مؤتمر بروكسل، حيث تم التعهد بتقديم 6.3 مليار دولار للسوريين.
لكنه شدد على أن “الأهم هو التنفيذ الفعلي لهذه التعهدات، وليس مجرد الإعلان عنها”.
الإصلاحات الهيكلية المطلوبة
من جهته، شدد الخبير الاقتصادي السوري فراس شعبو على أن رفع العقوبات لن يؤدي إلى انتعاش اقتصادي سريع، رغم أنه سيزيل قيدًا كبيرًا عن الاقتصاد السوري.
وأضاف شعبو أن المرحلة المقبلة تتطلب “إصلاحات هيكلية وجذرية تشمل ترشيد الإنفاق، واستثمار الموارد المتاحة بشكل أكثر كفاءة، إلى جانب توسيع دور القطاع الخاص وتحديث الإطار القانوني لجذب الاستثمارات”.
كما أشار إلى أن سوريا تواجه تحديات كبيرة مثل “دمار البنية التحتية الأساسية” و”غياب السيطرة على جزء كبير من الموارد الوطنية”، موضحًا أن “نحو ثلث مساحة البلاد لا تزال خارج سيطرة الدولة المركزية”.
هذا بالإضافة إلى “أزمة ثقة كبيرة في المؤسسات المالية”، التي تجعل القطاع المصرفي في سوريا ضعيفًا وغير مؤهل لتمويل عمليات إعادة الإعمار.
المرحلة القادمة والتحديات
المرحلة القادمة، وفقًا لشعبو، ستكون صعبة، حيث يتوقع أن تشهد البلاد تحسنًا تدريجيًا في سعر صرف العملة وانتعاشًا في البنية التحتية والخدمات الأساسية.
ومع ذلك، أكد أن المستثمرين الأجانب يحتاجون إلى مؤشرات استقرار وثقة قبل ضخ أموالهم في السوق السوري.
في سياق آخر، شدد شعبو على أن “مكافحة الفقر يجب أن تكون أولوية”، مشيرًا إلى أن أكثر من 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وأن “تعزيز المشاريع الصغيرة في المناطق الريفية سيكون أمرًا بالغ الأهمية للحد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية”.
التحديات الاقتصادية في ظل الحرب
تأثرت سوريا بشكل بالغ من الحرب التي شنها نظام الأسد على الشعب السوري، حيث انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 50%، وارتفعت معدلات الفقر إلى 90%، بينما يحتاج 75% من السكان إلى مساعدات إنسانية.
ورغم رفع العقوبات، تبقى سوريا بحاجة إلى دعم دولي واسع لمواجهة تحدياتها الاقتصادية المستمرة.
وفي ختام التقرير، أكد الخبراء أن المستقبل الاقتصادي لسوريا يعتمد بشكل كبير على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية، وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي، مع ضرورة العمل على جذب الاستثمارات والمساعدات الدولية لدعم عملية التعافي الطويلة.