مصر

الأداء المزدوج بالأكاديمية الوطنية لذوي الإعاقة: واجهة فاخرة وواقع مؤلم

أطلق المجلس القومي لحقوق الإنسان تحركًا ميدانيًا إلى قلب العاصمة الإدارية، وتحديدًا إلى الأكاديمية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات للأشخاص ذوي الإعاقة، وكأنها أول مرة يفتح فيها عينه على مؤسسة من المفترض أنها تمثل الحلم المنتظر لآلاف من ذوي الاحتياجات الخاصة.

قاد الزيارة الدكتور محمد ممدوح، عضو المجلس والمشرف على ملف الإعاقة، وسط وفد من الباحثين، وكان في استقبالهم الدكتور عبد المنعم الشرقاوي، رئيس الأكاديمية، الذي حاول رسم صورة لامعة عن المؤسسة التي تقبع في مدينة المعرفة.

اطلع الوفد، بدهشة لا يمكن إخفاؤها، على إمكانيات مذهلة من أجهزة وتقنيات حديثة، تُستخدم كواجهة براقة لإظهار دعم الدولة لملف ذوي الإعاقة، بينما الواقع الفعلي لا يعكس إلا جزءًا ضئيلًا مما تروّج له المؤسسات الرسمية.

وُصف المكان كمركز وطني للأبحاث والابتكار في التكنولوجيا المساعدة، حاضنًا لمطورين ومخترعين في الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا الاتصالات، لكنّ الأسئلة التي لم تُطرح علنًا كانت تدور حول مدى وصول هذه الابتكارات للفئة المستهدفة فعلًا.

أشاد ممدوح، كما هو معتاد في مثل هذه الجولات، بما رآه من جهود، مؤكّدًا أن الأكاديمية تُجسّد، نظريًا، رؤية الدولة لدعم الفئات الأكثر احتياجًا، مشددًا في الوقت ذاته على أن النجاح الحقيقي لا يُقاس بما يُعرض في جولة مدتها ساعات، بل بمدى الشراكة الفعلية مع مؤسسات المجتمع المدني ورواد الأعمال لضمان أن تصل هذه الخدمات لمن يحتاجها حقًا، لا أن تظل حكرًا على العروض الترويجية والزيارات البروتوكولية.

أوضح الشرقاوي، من جانبه، أن الأكاديمية تتبنى رؤية شاملة لتمكين ذوي الإعاقة على المستويات المعرفية والتكنولوجية والبحثية، مشيرًا إلى أنها تمثل إحدى أذرع الدولة في تنفيذ استراتيجية التحول الرقمي.

ومع ذلك، لم يُجب أحد عن الأسئلة الحقيقية المتعلقة بعدد المستفيدين، أو آلية اختيارهم، أو كيف يمكن لمواطن بسيط في قرية نائية أن يصل لخدمات هذه الأكاديمية ذات التجهيزات الرفيعة.

استعرض وفد المجلس البنية التحتية المتطورة، ولم يخفِ إعجابه بالتكامل المؤسسي الظاهر على السطح، لكن خلف هذا المشهد الأنيق، ظلت علامات الاستفهام الكبرى تطل من بين تفاصيل الزيارة: أين المستفيد الحقيقي؟ ولماذا لا تزال شكاوى ذوي الإعاقة مستمرة في كل المحافظات رغم هذه المراكز التي توصف بأنها “نموذجية”؟

أعلن المجلس أن الزيارة تأتي في إطار متابعته لحقوق الإنسان، وتحديدًا ملف ذوي الإعاقة، مؤكدًا التزامه بتقديم التوصيات التي يفترض أنها تُسهم في تطوير السياسات العامة. لكن السؤال الذي لم يُجب عليه أحد هو: هل تكفي التوصيات وحدها في ظل واقع لا يزال يُقصي الفئات الأضعف تحت لافتات براقة ووعود لا تُصرف؟

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى