حقوق وحريات

تحويل مجلس الصحافة في المغرب إلى أداة تحكم مطلقة للناشرين النافذين

اتهم المركز الوطني للإعلام وحقوق الإنسان في المغرب الحكومة المغربية بتنفيذ خطوة خطيرة للغاية تمثلت في مصادقتها على مشروعَي قانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة هيكلة المجلس الوطني للصحافة، و27.25 المعدل والمتمم للقانون رقم 89.13 المنظم لوضعية الصحافيين المهنيين، وهو ما اعتبره المركز خنقًا ممنهجًا لحرية التعبير ومساسًا مفضوحًا بأسس الديمقراطية.

أعلن المركز أن هذه القوانين تُمهّد لتحويل المجلس الوطني للصحافة إلى أداة خاضعة بالكامل لنفوذ المال والمصالح التجارية، وتُجهز على ما تبقّى من مبدأ التنظيم الذاتي، الذي يُفترض أن يُحصن استقلالية الصحافيين ويحمي المهنة من التدخلات الفوقية.

أشار إلى أن مشروع القانون اعتمد آلية خطيرة تقوم على التمييز الصريح بين فئتي الصحفيين والناشرين، حيث يُفرض على الصحفيين اختيار ممثليهم عن طريق الانتخاب، بينما يُمنح الناشرون امتياز التعيين أو الانتداب، مما يُكرّس غلبة طرف واحد على المجلس، ويضرب عرض الحائط مقتضيات المادة 28 من الدستور المغربي، التي تضمن حرية الصحافة وتنظيمها الذاتي.

لفت إلى أن المشروع يكرّس منطق الاحتكار، بعد أن ربط عدد الأصوات التي تحوزها المقاولات الإعلامية داخل المجلس بحجم رقم معاملاتها، مما يمنح الشركات الكبرى هيمنة مطلقة، ويقضي على التعددية، ويهمّش المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، مهما بلغت كفاءتها المهنية.

أوضح أن المشروع جرّد الصحفيين من أحد أبرز اختصاصاتهم، عبر سحب رئاسة لجنة بطاقة الصحافة منهم وتسليمها للناشرين، فضلًا عن التلاعب بتشكيلة لجنة الإشراف على الانتخابات، بما يضمن تحكم جهة واحدة في مصير المجلس وقراراته.

انتقد المركز بشدة منح المجلس الوطني اختصاصات زجرية جديدة لا علاقة لها بطبيعته كمؤسسة للتنظيم الذاتي، مثل صلاحية توقيف الصحف وفرض التحكيم الإجباري في نزاعات الشغل، وهي إجراءات تفتح الباب أمام التعسف والتضييق باسم القانون.

ندد بقرار إلغاء مبدأ التناوب الديمقراطي على رئاسة المجلس، مع تمديد فترة الولاية إلى خمس سنوات، معتبرًا ذلك تكريسًا لعقلية التحكم والولاءات، وضربًا لمبدأ الشفافية والمحاسبة داخل مؤسسة من المفترض أن تكون ضمير المهنة.

اتهم المركز الحكومة المغربية، وتحديدًا الوزير الوصي مهدي بنسعيد، بتحمّل المسؤولية الكاملة عن هذا الانحراف التشريعي، ودعا القوى الوطنية والدولية إلى الوقوف ضد هذا المشروع الذي يُعيد البلاد عقودًا إلى الوراء، ويحوّل الصحافة إلى تابع ذليل داخل منظومة مغلقة تخدم أقلية نافذة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى