حوارات وتصريحات

حريق “سنترال رمسيس” يشل الاتصالات في مصر ويكشف هشاشة البنية التحتية الرقمية

قال الدكتور محمد مصطفى، خبير شؤون الاتصالات، إن حريق “سنترال رمسيس” الذي اندلع يوم الإثنين وسط العاصمة المصرية، لم يكن مجرد حادث عابر، بل مثّل أزمة وطنية طالت قطاعات حيوية في الدولة، وكشف عن ثغرات مقلقة في تأمين البنية التحتية الحيوية للبيانات.

وأوضح مصطفى أن الحريق، الذي استمر نحو 12 ساعة وأسفر عن وفاة 4 أشخاص وإصابة آخرين، أدى إلى توقف جزئي أو كلي لخدمات الاتصالات والإنترنت والدفع الإلكتروني في مناطق واسعة من مصر، بعد اضطرار فرق الإطفاء إلى فصل التيار الكهربائي عن المبنى كليًا.

وأشار إلى أن تداعيات الحريق أجبرت وزير الاتصالات الدكتور عمرو طلعت على قطع زيارته الخارجية والعودة لمتابعة الموقف، حيث أعلن خلال تفقده لموقع الحريق عن خطة لإعادة الخدمات تدريجيًا خلال 24 ساعة، من خلال تحويل مسارات الخدمة إلى سنترالات بديلة.

وبيّن الخبير أن سنترال رمسيس يعد من أكبر مراكز الاتصالات في مصر، إذ يربط بين الشبكات المحلية والثابتة والمحمولة، كما يتصل بالكابلات البحرية الدولية، ويضم خوادم وبيانات تخص وزارات ومؤسسات مالية، مما جعله جزءًا أساسيا من البنية التحتية الوطنية للبيانات.

وذكر مصطفى أن الحريق تسبب في تعطل حركة الطيران بمطار القاهرة الدولي بسبب خلل في أنظمة الاتصال، قبل أن تعلن وزارة الطيران استعادة التشغيل بالكامل عبر حلول بديلة، بالتنسيق مع وزارة الاتصالات.

كما تأثرت البورصة المصرية، التي علقت التداول مؤقتًا الثلاثاء، لضمان تكافؤ الفرص بين المتعاملين، بالإضافة إلى توقف منصات الدفع الإلكتروني مثل “إنستاباي” وبعض المحافظ البنكية وماكينات الصراف الآلي.

وفي الوقت نفسه، استمرت البنوك في تقديم خدماتها دون تأثر يُذكر، بحسب تصريحات الخبير، الذي أكد أن البنية الداخلية للقطاع المصرفي أثبتت مرونة في التعامل مع الأزمة.

لكن مصطفى حذّر من احتمال تعطل صرف الخبز المدعم في بعض المناطق بسبب توقف أنظمة الاتصال، ما قد يضطر المخابز إلى استخدام طرق بديلة عبر تجميع بطاقات المواطنين لحين استعادة الاتصال.

وأشار الخبير إلى أن أنظمة حجز تذاكر القطارات تأثرت هي الأخرى، وتسبب ذلك في تأخيرات ملحوظة وتعطل بخدمات الحجز، كما أُغلقت بعض المتاجر الكبرى مؤقتًا بسبب توقف أنظمة الدفع غير النقدي.

وأكد مصطفى أن الحادث كشف عن ضعف إجراءات تأمين المنشآت الحيوية، داعيًا إلى تعزيز آليات الحماية والتكرارية الجغرافية (geo-redundancy) لمثل هذه المرافق، إلى جانب إعداد خطط طوارئ رقمية محكمة لمواجهة أي سيناريو مشابه.

وختم بالقول: “يجب أن يكون الحريق الذي أصاب سنترال رمسيس جرس إنذار حقيقي لتحسين جاهزية البنية التحتية المعلوماتية، وتعزيز الأمان السيبراني والفيزيائي، خاصة في ظل التوسع المستمر في الاعتماد على التحول الرقمي في الاقتصاد والخدمات العامة”.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى