مزاد المقاعد النيابية: كيف تحوّلت انتخابات مجلس الشيوخ إلى بورصة مفتوحة للمال السياسي

في هذه الأرض، حيث كتب الشعب تاريخه بدمه لا بحبر الصفقات، يُباع اليوم البرلمان بـ”الكاش”؛ لم تعد صناديق الاقتراع ميدانًا للمنافسة، بل صارت مزاد سياسي، بل أمام بورصة للنفوذ، ومزاد تُباع فيه الكرامة الوطنية بالملايين، من يدفع أكثر، يجلس، ومن لا يملك، فليلزم بيته ويصمت.
تفوح رائحة المال الفاسد في كل ركن من أركان المشهد السياسي المصري مع فتح باب الترشح لانتخابات مجلس الشيوخ 2025. لم يعد المقعد النيابي تكليفًا وطنيًا، بل صار سلعة تُباع وتشترى على أعين الجميع، في مزاد صريح بلا حرج ولا خجل.
بين سماسرة السياسة، وتكتلات الأحزاب الباحثة عن التوازن بأي ثمن، وشخصيات تدفع الملايين لتحجز مكانها تحت قبة البرلمان، تُغتال الديمقراطية وتُدفن الوطنية تحت أكوام من الرشاوى المقنّعة وصفقات “السبوبة”.
واقع مرير، يفضح حجم الانحراف عن المسار السياسي السليم، ويجعل من البرلمان القادم تهديدًا للوعي السياسي الجمعي، لا ممثلًا له.
مشهد كارثي على الأرض
الأرقام والتسعيرة في “مزاد” مقاعد الشيوخ هي التي تتحدث عن نفسها فقد أكدت تقديرات موثوقة أن سعر المقعد الواحد في قوائم ترشيح الشيوخ يتراوح بين 10 و28 مليون جنيه، وقد تصل أحيانًا إلى 50 مليون جنيه في “صفقات خاصة” مجهولة الجهات.
أشار عدد من المصادر داخل الأحزاب والتحالفات أن هذه الأرقام لا تُذكر أبدًا في التصريحات الرسمية، لكنها تُستخدم في التفاوض داخل غرف مغلقة.
أشارت الوقائع إلى مشاركة أسماء الأحزاب المشاركة في قائمة المال والمقاعد وعلي رأس تلك القائمة حزب مستقبل وطن بصور واضحة في “تحالف مزاد المقاعد”، حيث قام بتسويق مقاعد داخل تحالف “القائمة الوطنية من أجل مصر”، وقدّم تمويلات ضخمة لمرشحين، بل ووصف بأنه “ممول رئيسي”.
أوضح المصدر كذلك أن الأحزاب التابعة للتحالف تشمل حزب الوفد، حزب العدل، حزب الجبهة الوطنية، الشعب الجمهوري، المصري الديمقراطي الاجتماعي، المؤتمر، وغيرها. لكن فقط مستقبل وطن أشارت إليه التسريبات كمن يضع السعر والممول.
أكدت وثائق داخلية مسربة (غير منشورة علنيًا) أن حزب العدل رشّح مرشحين في محافظات أسوان وأسيوط والبحر الأحمر والوادي الجديد ضمن كيان مشترك، لكن دون الكشف عن المصاريف المالية الفعلية.
وكما أكّدت معلومات شبة مؤكدة حصول مصطفى أبو زهرة بمنطقة الإسكندرية على مقعد بعد تسوية مالية تقدر بـ20 مليون جنيه.
وأشار إلى أن عمر خميس الغنيمي من الإسكندرية أيضًا دخل ضمن ذات الصفقة؛ وأبرزت معلومات أخرى أن عبدالله سعداوي ضيف الله ومحمد مصطفى لطفي في الشرقية قد دفعوا مبالغ نقدية لم تصل تفاصيلها، لكن ضمن النطاق 10–28 مليون.
أكّدت مصادر غير رسمية أن أسماء أخرى مثل جمال أبو الفتوح ومحمد المنزلاوي ومجدي البري ذُكرت ضمن مرشحين دفعوا لعقد مقاعد في الغربية والقاهرة.
أوضح شهود عيان أن عدد المقاعد يُباع بأسلوب المزاد، وأسلوب التفاوض داخل “السمسرة الانتخابية” يبدأ من 10 مليون، ويصعد تدريجيًا حسب “قوّة المرشح أو الحزب أو التضامن التحالفي”.
أكّدت جهات داخل التحالف الوطني أن تحالُف المستقبل وطن مع أحزاب مثل الوفد والعدل، تمّ عبر مفاوضات مالية صريحة، وليس قواسم فكرية أو استراتيجية انتخابية.
وزُد عليها معلومات عن وسطاء غالبًا يعملون نيابة عن حزب المستقبل وطن، معروفين بأن “ميزانهم هو المحفظة”، ويتم الدفع عبر حوالات بنكية أو صكوك بطريقة سرية.
أوضحت تقديرات خبراء التحليل السياسي أن هذا النظام المالي أدى إلى فقدان البرلمانيين “القيادة الفعلية”، وأفرغ مجلس الشيوخ من دوره التشريعي والرقابي.
أظهرت التقارير أن العديد من الأحزاب الكبيرة مثل الوفد والعدل تضعضعت أمام قدرة “السوق المالية”، إذ لم يمتلكوا القدرة على شراء ولاءات شابه ما توفر للمستقبل وطن.
أكّد مراقبون أن هذا الوضع أنتج “نواب خدمات ومصلحة” أكثر من “نواب أمة”، وأن العطاء المفترض من البرلمان سيكون محدودًا لأن العمالة الانتخابية أصبحت محكومة بالعلاقات المالية وليس بالكفاءة.
شهادات من أرض الواقع:
أوضح الدكتور خالد الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية، أن البرلمان لم يعد غرفة تشريعية، بل ساحة استثمارية يديرها من يملك المال لا من يملك الرؤية، وأن “تحويل البرلمان إلى سلعة مباحة في المزاد الانتخابي يعني نهاية الحيادية السياسية.
وأضاف أن ما يحدث الآن من صفقات ترشح بالملايين، يكشف زيف العملية السياسية بأكملها، مشددًا على أن تحوّل العملية الانتخابية إلى سوق حرة للمقاعد النيابية هو كارثة أخلاقية ووطنية، وإن التغلغل المالي في تشكيل القوائم يهدد دور البرلمان التشريعي والرقابي. .
ونوه مستعجا بأن ما يحدث ليس فقط بيعاً للمقعد، بل فصلاً كاملاً من فصول الفساد السياسي. عندما يصبح الرقم ‑ولو وصل إلى 50 مليون جنيه‑ هو معيار الترشح، فإننا أمام لعبة لن يفوز فيها الوطن، بل المال، ويفقد الشعب فرصة التمثيل الحقيقي.”
أكد الدكتورة علا جمال أن الانتخابات أصبحت تشبه البورصة، حيث يشتري الأقوى ماليًا، لا الأصلح تمثيلًا. وأضاف: “ما قيمة صندوق انتخابي إذا كانت نتيجته تحسمها شيكات بنكية؟ من يدفع أكثر، يدخل، ومن لا يملك، يُستبعد ولو كان نابغة سياسية”.
وأشارت إلى أن تسعير المقاعد الانتخابية بأرقام تراوح بين 10 و28 مليون جنيه، وبحالات خاصة تصل إلى 50 مليون، لا يعكس رغبة في التمثيل الوطني، بل رغبة جامحة في الاستثمارات المالية الانتخابية.
ونوهت إلي تحول دور الأحزاب إلى مجرد وسطاء مالهم هو تحديد السماسرة السياسيون؛ وهذا الانحراف يشير إلى أن الانتخابات تحولت من شكل للحرية إلى سيناريو للشراء المؤسسي.
أشار المهندس سامح عبد الحليم، المحلل السياسي والاقتصادي، إلى أن ما يحدث الآن ليس مجرد تزوير لإرادة الناخبين، بل سرقة مستقبل كامل.
وقال: “المال السياسي حطم أي أمل في أن يرى المواطن نائبًا حقيقيًا يتحدث بصوته، فكل من يترشح دفع مقدم المقاعد، وفوّض سماسرة الأحزاب لتسويقه”.
وأوضح أن “ما نراه اليوم هو تقاطع بين الاقتصاد والسياسة على أشد درجاته تطرفاً. عندما يُطرح أي مرشح بسعر يبدأ من 10 ملايين وصولاً إلى 50 مليون، فإن البرلمان يتحول إلى صندوق دفع وليس انتقاء، وهذا يلغي فكرة التنافس بين برامج وأفكار، يترشح الذي يستطيع الدفع فقط، وليس من يملك الرؤية أو الخبرة.”
أوضح الناشط السياسي محمد نادر أن الأمر تجاوز حدود التحليل؛ “نحن أمام تواطؤ معلن بين أحزاب باحثة عن التمويل، ومرشحين يعتبرون المقعد النيابي صفقة، وليس مهمة تشريعية أو رقابية”.
وأضاف أن صفقات بين 10 إلى 50 مليون جنيه ليست شائعات، بل موثقة وموضع تفاوض في كل حزب تقريبًا، وأن “عندما يتحوّل الدعم الانتخابي إلى ثمن يدفع بالملايين — 18 مليون أو أكثر — يُمحى كل دور حقيقي من الرقابة.
وأشار أن المسؤوليّة هي الأداة الوحيدة التي في أيدي المرشح. والأحزاب الوطنية التي فشلت في التمويل الاستراتيجي أصبحت شبه معطلة أمام من يمتلك المال، وهذا يصب في مصلحة الممول وليس الشعب.”
أكد المهندس هشام سامي، أن السماسرة لا يعملون فقط في الكواليس، بل أصبحوا واجهة إعلامية للأحزاب، وأن السمسرة السياسية تعمل في الظل، وتضرب بجذورها في كل القائمة الوطنية بمشاركة الأحزاب.
وقال لن تجد في الانتخابات سوى “ممولين” و”موظفين سياسيين”، لا نخبة تضحية ولا فكر وطني. ما حدث مع حزب المستقبل وطن أكبر دليل على أن المال أصبح المعيار الوحيد؛ وفي كل جلسات الأحزاب لا استثناء تُعرض أسماء “مرشحين محتملين” بناءً على قدراتهم المالية، وليس بناءً على خبراتهم أو انتماءاتهم الجماهيرية”.
نوه أحمد مصطفى، مواطن من القاهرة، إلى أنه عندما دخل غرفة التفاوض مع ممثل قائمة، رفض الانضمام لتلك القائمة بعدما طُلب منه 12 مليون جنيه، وقالوا “ميزاننا مش بالكفاءة، بالكاش”.
مؤكدًا أن الأمور تُدار حاليًا كما تُدار الشركات الاستثمارية، هذا الوضع دمر الحلم بأن نعيش ممثلين حقيقيين، وليس موظفين للمصلحة.
وأضاف: “المرشح يُعامَل كصفقة، يدفع المقدم ويأخذ المقعد”، وأن صممت الأحزاب على الكلام النظري، لكن لن أجدها هنا وسط تأكيدات السماسرة.
أكد المحامي عمرو فهمي، أن “التحول من التفاوض السياسي إلى التفاوض المالي بصفقات 10 إلى 28 مليون هو تدمير كامل لطبيعة الانتخابات. البرلمان المؤتمن على تطبيق القوانين أصبح يستند على جسر المال السري واللاشفاف. هذا يعطّل قوة القانون ويعطل التوازن بين السلطات، لأن رئيس البرلمان صار منصباً يُشترى وليس يُخترع.”
أوضح المحامي عمرو فهمي أن ما يحدث الآن يُعتبر انقلابًا سياسيًا على إرادة الشعب، مشيرًا إلى أن البرلمان يُفترض أن يكون منصة للرقابة والتشريع، لا تكتلًا من رجال الأعمال الباحثين عن الحصانة أو النفوذ.
أكد أن التحول من التفاوض السياسي إلى التفاوض المالي بصفقات 10 إلى 28 مليون هو تدمير كامل لطبيعة الانتخابات؛ البرلمان المؤتمن على تطبيق القوانين أصبح يستند على جسر المال السري واللاشفاف؛ هذا يعطّل قوة القانون ويعطل التوازن بين السلطات، لأن رئيس البرلمان صار منصباً يُشترى وليس يُخترع.
لفتت ندى المنشاوي، محامية شابة، إلى أن استبعاد المرشحين المستقلين أو ضعاف التمويل يعكس أن اللعبة السياسية مغلقة على الكبار فقط، وعندما يتحكم المال في تحديد القوائم، فالشاب المواطن الذى لا يملك الملايين يُضطر للبقاء في بيته، بينما يبدأ المسؤول بشراء الدعم الشعبي مقابل تلاعب سافر..
وأضافت: “عندما يُمنع الشباب من خوض التجربة لعدم امتلاكهم الملايين، تكون الديمقراطية قد أُجهِزَ عليها بالكامل”، وأن واقع مزاد المقاعد الانتخابية يظهر جلياً في إقصاء الأصوات الشعبية الحقيقية وفرض ممثلين لا يعبرون عن الجماهير.
أكد الدكتور سليم خليل، أستاذ العلوم السياسية، أن الظاهرة أصبحت ظاهرة “تجارية سياسية” تشوه حتى ملامح البرلمان كشكل مؤسسي.
وأردف: “أصبح الطريق إلى البرلمان مرهونًا بحساب مصرفي، وليس برؤية أو مشروع وطني”الزقازيق، إلى أن الغرق في شراء المقاعد يضرب مباشرة في تنوع التمثيل البرلماني، وتعود التشتت للأحزاب التاريخية لأنها غير قادرين مادياً، ومجدداً تتحوّل الديمقراطية إلى معركة مالية، ويعود الفائز من يمكنه أن يودع صك بحوالاة لا بمنهج انتخابي محترم.
زعم المستشار القانوني أحمد زكريا، أن سمسرة المقعد النيابي باتت منهجًا متبعًا داخل بعض الأحزاب الجديدة، مؤكدًا أن الوسيط يأخذ عمولة على كل مقعد، وتُقَسَّم الأرباح وفقًا للوزن السياسي والموقع الجغرافي.
زعم أن “لعب دور “الوسيط السياسي” مقابل المال، مثل طلب 20 مليون أو 28 مليون، يحوّل عملية اختيار النواب إلى تسويق مال لا برامج شاملة؛ وإذا لم يُكبح هذا الانحدار، ستصبح الديمقراطية مغلفة في وثائق مصرفية، ولن نجد النائب الذي يظن أنه يخدم بالقانون والواجب.”
أعلن الناشط الحقوقي تامر عبد الرحمن أن هذا الوضع ينسف أي فكرة عن العدالة السياسية. “كيف لمواطن بسيط أن يثق بنائب دفع 20 مليونًا ليحجز مقعده؟ بالتأكيد سيسعى لاسترداد أمواله من دم الشعب”.
أشار إلي أن “شراء المقاعد يدخلنا في دوامة فساد جديدة، لأن المال السياسي غير المبصّم بالشفافية يؤدي إلى تجيير المواطن، والتزوير العلني، ومعاملات تجارية تدعمها أنظمة مركزية، نحن أمام برلمان هش لا يقوم إلا بتبرير النفوذ، وليس بتغطية مصالح الدولة.”
استدرك المواطن البسيط محمد سيد، من الشرقية، قائلًا إن الصدمة كانت شديدة حين طُلب منه دفع 15 مليون جنيه فقط لـ”دخوله القايمة”، وتابع “عشان أقدر أدخل اللعبة، هل أنا في مزاد عقارات ولا انتخابات برلمانية؟” وفضلوا يستسهلوه لما قلتلهم “هو أنا داخل شركة استثمار؟”، وأضاف نيتي أن أتراجع.
أردف الباحث السياسي أكمل ساطع أن أسعار المقاعد المرتفعة تعكس سوقًا غير قانونية داخل المشهد السياسي، مؤكدًا أن الإصلاح يبدأ بإسقاط المال السياسي بكل أشكاله.
وأضاف، أنه “البحر المالي الذي تغرق فيه الانتخابات، يصل إلى 50 مليون في بعض الصفقات الخاصة. هذا يكشف أن المناصب العليا في الدولة صارت ملكاً لمن يملك المال فقط، وليس للأكثر كفاءة؛ وما لم نضع قانون حازم لتجريم تمويل الانتخابات، سنجد مستقبلنا السياسي محكم على أيدي الأغنياء
نفى الدكتور محمد الشاذلي وجود أي “تنافس شريف” في الانتخابات القادمة، قائلًا “اللي معاه فلوس يترشح، اللي مش معاه يتفرج”.
وأضاف أن “هذه الأرقام — 10 إلى 28 مليون، وأحياناً 50 مليون — تُستخرج من الشفافية، لكنها من الواقع السياسي القذر؛ البرلمان لا يمثل الشعب، لأنه اشترى شخصاً وليس رؤياه، وأصبح النائب تائهًا بين مصالح شخصية وطموحات لا تصب في خير الوطن.”
استرسل أحمد سمير، ناشط سياسي من الإسكندرية، أن سماسرة الأحزاب يعرضون على شباب التيارات السياسية دفع مبالغ للانضمام، قائلًا “إنت عندك تأثير؟ يبقى تساوي عندنا 18 مليون”.
وأشار قائلاً “هناك تحايل واضح في الضغط المالي على الشباب، ويتم تسعير انضمامهم بـ 20 مليون أو أكثر، مع وعود بتذكية وعندما وجد الشاب الواقع، أدرك أن السياسة ليست لعبة نبلاء، بل خزينة تصرف عليها القوائم.”
أجاب الدكتور يوسف عبد الله أن المال السياسي لم يدمر فقط العملية السياسية، بل جعل من الجامعة — التي هي مهد الديمقراطية — بلا تأثير حقيقي في تشكيل البرلمان.
وأضاف قائلاً “هذه السمسرة السياسية تُعرض على أنها دعم سياسي، لكنها في الحقيقة بيع لتمثيل الشعب؛ الشعب ليس مخزنًا لبطاقته، بل يمثل رئيسه وضميره؛ إن لم نرد بالشروط الضابطة للمال السياسي، سنقضي على نظام التمثيل الديمقراطي بأكمله.”
أكد مصطفى أحمد، مواطن من الشرقية، أن الناس في القرى والمدن يدركون أن البرلمان القادم ليس لهم، بل لأصحاب الحسابات البنكية المنتفخة.
وأضاف قائلاً “الناس هنا صدمت لما عرفنا إن المقاعد بتتباع بالفلوس .. كان المفروض نخرج نحتج، لكن للأسف الكل خايف يرفع صوت الشرعية؛ ده بيع مستقبل ولادنا بالفلوس! مش عايزين ناخذ منهم ولا قطعة خبز كده ولا خدمة أكتر .. عايزين نكون ممثلين حقيقيين مش فلول مزاد.”
أشار الناشط عادل كمال إلى أن التحالفات التي تُبنى على أموال الممولين، ستسقط عند أول اختبار حقيقي في المجلس. وقال: “لن يصمد نائب بلا قاعدة جماهيرية حتى لو اشترى المقعد بـ50 مليون”.
أضاف إلى أن “ما يحدث هو تزوير اقتصادي لواقع الشعب. تحويل المال إلى معيار للترشح يجعل من البرلمان منتجًا تجاريًا، لا مؤسسة وطنية؛ وهذا خطر على السلامة الوطنية، لأن صوت البائع هو المسيطر.”
أوضح الدكتور ماجد فهمي أن الأحزاب العريقة تراجعت لأنها لا تملك هذه الأدوات المالية؛ “المال أفسد التوازن السياسي، ودور الأحزاب الوطنية انتهى أمام هذا الاجتياح المالي العنيف”.
أضاف قائلاً “هذا الانقلاب النيابي بتحكمه أداة المال، بعد أن كانت الأحزاب حاضنة سياسيًا وإعلاميًا؛ ولكن اليوم المال هو المسيطر والدستور هو الضحية؛ لا نخالفة بلا قانون يضع سقفًا صارمًا على الإنفاق الانتخابي.”
أشار الناشط السياسي أحمد مدكور إلى أن الإعلام نفسه أصبح يخدم المال السياسي، ويسوّق لمرشحين دافعين لا مؤهلين؛ وأضاف قائلاً التحايل وراء ستار المال، وتبديل فكرة البرلمان بفكرة السوق، هو خطأ استراتيجي.
واختتم بقوله البرلمان إذا ما انفتح فتح له باب التجار وليس باب الكفاءة فنحن نعيش عصرًا تُحكم فيه الحكومة من الكواليس المالية لا من المنابر الديمقراطية، ولا تمنح الفرصة الحقيقة للمواطن المستقل، لأن الحكومة تعزز من نفوذ القائمات المدفوعة.
هذا ليس برلمانًا .. بل مزاد علني لبيع الوطن
هذه ليست انتخابات، بل مهزلة وطنية تُدار تحت عباءة الديمقراطية، بينما في الحقيقة لا تعدو كونها بورصة سياسية تُباع فيها المقاعد ويُرهن فيها الوطن.
لسنا أمام منافسة انتخابية، بل أمام سوق نخاسة سياسي تُعرض فيه الكرامة الوطنية في مزاد لا يعرف إلا لغة المال، والشيكات، والصفقات المريبة. لا نرى مرشحين، بل سماسرة مصالح، ووكلاء أعمال، وعرّابي صفقات مشبوهة.
البرلمان تحوّل من منبر تشريعي إلى منصة للبيع العلني، ومن حصن للشعب إلى مائدة قمار يتقاسم فيها المنتفعون الغنائم. أما الأحزاب، فقد تخلّت عن شرف المعركة السياسية، واكتفت بدور “الكومبارس” في مسرحية مفضوحة تُكتب سطورها في مكاتب رجال الأعمال، لا في عقول المفكرين والمصلحين.
إذا استمر هذا العبث، فلن يسقط البرلمان وحده، بل ستنهار شرعية الدولة ذاتها، وسيُدفن العمل السياسي في حفرةٍ حفرها تجار المال، وردمها صمت الجبناء.
ما يحدث ليس سوى اغتيال علني للسياسة، واغتصاب فاضح لإرادة الشعب. لن نصمت، ولن نساوم، ولن نسمح بأن تُصبح مصر صفقة تُدار بحسابات بنكية.
نقولها بوضوح: البرلمان ليس سوق نخاسة، والمواطنة ليست رخصة للبيع، والوطن ليس سلعة على أرفف الأغنياء.
آن الأوان لفضح المجرمين، وفضّ الشراكات القذرة بين المال والسياسة، وإعادة الاعتبار للفكرة النبيلة: أن السياسة في أصلها شرف، لا صفقة.. وأن الوطن لا يُشترى.