حسابات بنكية مجمدة واعتقالات بالجملة تستهدف صحفيين بأذربيجان وبنغلاديش

أكدت مصادر مطلعة وقوع تطورات خطيرة تكشف حجم التضييق الممنهج الذي يُمارَس ضد الإعلاميين المستقلين في كل من أذربيجان وبنغلاديش، حيث لم تكتف السلطات هناك بالتضييق على حرية التعبير، بل تخطّت حدود القمع التقليدي إلى ممارسات تعسفية طالت حتى الجوانب المالية والمعيشية للصحفيين.
أعلنت جهات مطلعة في بنغلاديش عن تجميد الحسابات المصرفية الخاصة بالصحفي المعروف ناييمول إسلام خان، وهو أحد أبرز الأصوات المستقلة في البلاد، بالإضافة إلى تجميد حسابات أفراد أسرته بالكامل، في خطوة وصفها متابعون بأنها انتقام مباشر بسبب مواقفه الإعلامية الجريئة. وشددت هذه الجهات على أن هذه الإجراءات لا تستند إلى أي أسس قانونية واضحة، بل جاءت ضمن حملة تضييق غير مسبوقة على الصحافة الحرة في البلاد، وسط تواطؤ المؤسسات المالية وتجاهل تام لأي معايير للشفافية أو العدالة.
أوضح مراقبون للوضع الحقوقي في بنغلاديش أن هذه الخطوة تمثل تصعيدًا خطيرًا يستهدف ليس فقط الصحفي نفسه، بل يمتد ليشمل عائلته بشكل مباشر، ما يعكس العقلية الأمنية التي تتعامل بها السلطات مع أي صوت مستقل أو نقدي. وأشاروا إلى أن استهداف حسابات ناييمول إسلام خان يفتح الباب أمام ممارسات مشابهة بحق صحفيين آخرين، خاصة في ظل مناخ يسوده التهديد والتخويف.
زعم بعض المطلعين على الملف البنغالي أن الهدف من هذه الحملة هو تجفيف الموارد المالية للصحفيين المعارضين، وشلّ قدرتهم على الاستمرار في أداء مهامهم المهنية، عبر استخدام أدوات الضغط الاقتصادي كأسلوب قمعي جديد.
أما في أذربيجان، فقد تصاعدت وتيرة القمع الممنهج ضد الصحفيين، بعدما تم اعتقال ستة من الصحفيين العاملين في منصة “أبزاز ميديا”، التي تعتبر من آخر الأصوات الإعلامية المستقلة في البلاد. وأكدت مصادر حقوقية أن حملة الاعتقالات جاءت بشكل متزامن، وفي ظروف غامضة، دون توجيه أي تهم واضحة، ما يثير الكثير من التساؤلات حول الخلفيات الحقيقية لهذه الخطوة الصادمة.
لفت متابعون إلى أن توقيت هذه الاعتقالات، والطريقة التي نُفذت بها، تكشف عن نية مبيتة لإسكات أي تغطية إعلامية غير خاضعة لرقابة الدولة، خصوصًا أن “أبزاز ميديا” عُرفت بتناولها لموضوعات شائكة تتعلق بالفساد وانتهاكات حقوق الإنسان. واستدركوا أن هذه الممارسات لم تعد مجرد حالات فردية أو تجاوزات عابرة، بل تحولت إلى سياسة متكاملة تسعى إلى إنهاء أي شكل من أشكال الإعلام المستقل.
أشار محللون دوليون إلى أن النظام الأذربيجاني يستخدم القوة الأمنية لترهيب المؤسسات الإعلامية، ويعمل على تصفية الأصوات التي ترفض الانصياع لخطابه الرسمي، وسط صمت دولي مريب، وعجز واضح عن حماية الصحفيين أو حتى المطالبة بمساءلة الجناة.
استرسل بعض المراقبين في التأكيد أن استمرار هذه الممارسات في أذربيجان وبنغلاديش ينذر بموجة جديدة من القمع المُمنهج الذي لم يعد يكتفي بالرقابة والحظر، بل بات يعتمد على الأدوات المالية والاعتقالات التعسفية لتأديب كل من يجرؤ على قول الحقيقة.
نوه عدد من النشطاء إلى أن هذه الأحداث تشكّل جرس إنذار خطير لما قد تشهده المرحلة المقبلة من تصعيد ضد الإعلاميين في هذه الدول، خاصة مع غياب أي محاسبة أو ضغط دولي فعال، ما يمنح السلطات غطاءً غير معلن لتوسيع دائرة الاستهداف.
أردف متابعون بأن قمع الصحافة لم يعد يقتصر على المنع من النشر أو إغلاق المنصات، بل أصبح يتخذ أشكالًا أكثر تطورًا وضررًا، تشمل ضرب الاستقرار المالي للصحفيين وتشويه سمعتهم، في محاولات خسيسة لإخراسهم دون إثارة ضجيج دولي.
بهذه الوقائع الصادمة، تُكشَف حقيقة الأنظمة التي تدّعي احترام الحريات بينما تدوس عليها في الخفاء، وتُستخدم فيها أدوات الدولة لتكميم الأفواه وتجويع من يرفض الرضوخ، لتصبح حرية الصحافة هدفًا مشروعًا للقمع المقنن والمتعمد.