اقتصاد

دماء الأطفال تحت خيام النزوح.. ومستشفيات غزة تنهار بلا وقود وقتل 41 فلسطينيًا دفعة واحدة

أكدت المجازر المستمرة في قطاع غزة أن آلة القتل الإسرائيلية لا تعرف حدودًا، ولا تميز بين رضيع وامرأة أو أسير مُحرر، بعدما استهدف الاحتلال، اليوم، بوحشية غير مسبوقة منازل وخيام النازحين، فقتل 41 فلسطينيًا دفعة واحدة، بينهم أطفال ونساء ورضيع، بل وحتى أسرى أفرج عنهم قبل سنوات، وعادوا للعيش قسرًا في قطاع منهك ومحاصر.

نوهت التقارير بأن الضربات التي نفذتها الطائرات الحربية الإسرائيلية طالت حي تل الهوى وحي الرمال، وامتدت إلى مواصي خان يونس حيث لقي خمسة أسرى محررين حتفهم، بعدما مزّقت أجسادهم قذائف الاحتلال في مخيم النازحين. وأعلن مكتب إعلام الأسرى أن من بين الضحايا ستة أسرى كانوا قد قضوا سنوات طويلة داخل سجون الاحتلال، قبل الإفراج عنهم في صفقة وفاء الأحرار عام 2011، ليقضوا اليوم على يد من أذاقهم مرارة السجن من قبل.

أشارت وزارة الصحة في غزة إلى أن مستشفياتها استقبلت خلال الساعات الـ24 الماضية، 52 قتيلًا و262 جريحًا، ليرتفع عدد ضحايا العدوان منذ بدايته إلى 57 ألفًا و575 شهيدًا، مقابل 136 ألفًا و879 مصابًا. ووسط هذا الجحيم، لا تزال أبواب الموت مفتوحة أمام الفلسطينيين المنتظرين المساعدات، حيث أطلق الاحتلال الرصاص على الجوعى المنتظرين شحنة غذائية قرب مركز تديره “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أمريكيًا، ما أسفر عن مقتل ثمانية فلسطينيين وإصابة 74 آخرين، لترتفع حصيلة قتلى “طوابير الجوع” إلى 766 قتيلاً وأكثر من 5044 مصابًا.

لفتت جمعية الهلال الأحمر إلى توقف العمل في عيادتها بحي الزيتون، بعد أن طالتها القذائف، رغم أنها كانت تخدم آلاف المرضى والنازحين، مؤكدة أن آلاف الأطفال والمرضى سيضطرون الآن إلى قطع مسافات طويلة بحثًا عن رعاية صحية مهددة أصلًا بالانهيار الكامل بسبب نفاد الوقود والمستلزمات الطبية، التي يمنع الاحتلال دخولها منذ الثاني من مارس.

استدركت وزارة الصحة لتعلن أنها تنتظر دخول شاحنات طبية عبر منظمة الصحة العالمية، مطالبة الجميع بحماية هذه القافلة حرصًا على حياة المصابين، مشددة على أن تلك الشاحنات لا تحتوي أي مواد غذائية وإنما أدوية عاجلة لإنقاذ الأرواح.

أوضحت وزارة التربية والتعليم الفلسطينية أن الاحتلال ارتكب إبادة ممنهجة ضد الطلبة والمعلمين، بقتله أكثر من 18 ألفًا و243 طالبًا في غزة والضفة الغربية، بينهم 17 ألفًا و175 في قطاع غزة وحده، إضافة إلى قتل 928 معلمًا وإداريًا، وإصابة 4452، واعتقال أكثر من 199 آخرين. وبينما يتباهى الاحتلال بجرائمه، تم تدمير 118 مدرسة و60 مبنى جامعيًا كليًا، وتضررت 252 مدرسة حكومية و91 مدرسة تابعة للأونروا. ووصلت الفضيحة إلى ذروتها بإزالة 25 مدرسة بالكامل من السجل التعليمي، وكأنها لم تكن يومًا موجودة.

أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل خمسة من جنوده وإصابة 14 آخرين في كمين محكم نفذته كتائب القسام في بيت حانون، بعدما فجّرت عبوة ناسفة لحظة سيرهم على الأقدام، لتؤكد المقاومة أنها لا تزال تملك اليد العليا ميدانيًا. وبهذا الهجوم، ارتفع عدد قتلى الجيش الإسرائيلي إلى 888 جنديًا، نصفهم تقريبًا منذ بدء الاجتياح البري، فيما أكدت إذاعة الجيش أن العبوات الناسفة تمثل التهديد الأكبر لقواتهم، مع تصاعد جرأة مقاتلي حماس بشكل لافت خلال الأشهر الأخيرة.

توعد «أبو عبيدة» الناطق باسم كتائب القسام بأسر جنود جدد، قائلًا إن “من أفلت من الجحيم مرة لن ينجو في المرة القادمة”، مؤكدًا أن من يرسم المعادلات اليوم هو الصمود الشعبي والمقاومة لا سواهما.

كشف تقرير صحفي أن مؤسسة «غزة الإنسانية» المدعومة من إسرائيل وأمريكا، تعمل على بناء معسكرات داخل القطاع وخارجه لما أسمته “العبور الإنساني”، وهي خطة تهجير ناعمة لإفراغ غزة من سكانها تحت شعارات إنسانية كاذبة. وعلى الرغم من أن المؤسسة أنكرت وجود خطة كهذه، إلا أن مصادر مطلعة أكدت تخصيص 2 مليار دولار لها، مع خرائط تشير إلى وجهات محتملة بينها مصر وقبرص. والغريب أن المؤسسة التي تتلقى دعمًا ماليًا مباشرًا من واشنطن بقيمة 30 مليون دولار، تُواجه رفضًا مصرفيًا دوليًا، بعد أن رفض بنكا UBS وGoldman Sachs فتح حسابات لها في سويسرا.

لم يتردد نتنياهو في وصف فكرة التهجير بـ”الرائعة”، خلال لقاء جمعه بالرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، متفاخرًا بأن إسرائيل تعمل على توطين الفلسطينيين في دول أخرى، بما يمنحهم “مستقبلًا أفضل” وفق ادعائه، في وقت تُغرق فيه طائراته أطفالهم في دمائهم.

في لبنان، استمرت الغارات الإسرائيلية، حيث قُتل ثلاثة أشخاص وأصيب آخرون في العيرونية وبيت ليف، بينما زعمت إسرائيل أنها اغتالت مسؤولًا في حماس، وهو ما نفته الحركة تمامًا.

وسط كل هذا، يبدو أن الاحتلال لا يكتفي فقط بقتل الفلسطينيين، بل يسعى جاهدًا لطمس وجودهم، محو هويتهم، وسرقة حتى الهواء الذي يتنفسونه، تحت غطاء “العبور الإنساني” و”المساعدات الدولية”، التي تحولت أدوات تدمير وقتل ناعم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى