هيئة التأمين توقف العلاج عن آلاف العمال والسر وراءه مدفوع مقدماً

أعلنت مصادر مطلعة أن هيئة التأمين الصحي أقدمت على خطوة صادمة وغير مسبوقة، تمثلت في وقف تام لعلاج نحو 2000 عامل تابعين لشركة سيراميكا إينوفا، من بينهم مرضى أورام وحالات مزمنة، نتيجة تراكم ديون ثقيلة على عاتق الشركة وصلت إلى ما يقرب من 80 مليون جنيه، بسبب امتناعها المتعمد عن سداد اشتراكات التأمين الصحي، رغم خصمها شهرياً من مرتبات العمال دون انقطاع.
كشفت التفاصيل عن حجم الكارثة التي طالت عائلات كاملة من العمال، بعضهم يخوض معارك يومية مع أمراض قاتلة لا تنتظر تأجيلات بيروقراطية أو مساومات مالية، ومع ذلك وجدوا أنفسهم فجأة خارج منظومة العلاج، بلا إنذار، بلا تحذير، فقط لأن الشركة التي يعملون فيها اختارت أن “تقتطع” حقوقهم دون أن تفي بالتزاماتها.
أوضح المتابعون للمشهد أن إدارة سيراميكا إينوفا لم تكتفِ بعدم دفع الاشتراكات منذ سنوات، بل استمرت في خصم تلك المبالغ من أجور العمال بشكل منتظم، دون أن تحولها إلى الجهة المعنية، وهو ما يعني أن الشركة استولت فعلياً على مستحقات التأمين الصحي، وتركت العمال يدفعون الثمن في صمت قاتل.
أكد المتضررون أن الأزمة ليست فقط في توقف العلاج، بل في أن الأوراق الرسمية ما زالت تُظهر أنهم “مشتركين”، ما يجعلهم غير مؤهلين للحصول على علاج بديل أو دخول مستشفيات حكومية أو جامعية، مما يضع حياتهم على المحك في كل لحظة تمر دون دواء أو تدخل طبي.
أشار المطلعون إلى أن تجاهل الشركة المتعمد لتسوية مديونياتها رغم إنذارات متكررة جعل هيئة التأمين الصحي تضطر لإيقاف الخدمات بشكل كامل عن العاملين، لتجد مئات الأسر نفسها في مهب الريح، بعد أن سقطت كل وعود الأمان والرعاية الصحية، وتحولت الخصومات من مرتبات العمال إلى مجرد “استقطاع وهمي” لا يعود عليهم بأي نفع.
نوه بعض العاملين إلى أن هناك من أُصيب بنوبات قلبية، ومنهم من يتلقى جلسات علاج كيميائي، وآخرون مرضى كلى وكبد، ومع ذلك أصبح الوصول إلى جرعة علاج بسيطة رحلة مستحيلة، نتيجة تهرب الشركة من المسؤولية وسكوت غامض من الجهات المعنية.
لفت مراقبون إلى أن الرقم المهول للمديونية، 80 مليون جنيه، يكشف مدى تراكم الأزمة، ويطرح تساؤلات حادة عن مصير الأموال التي تم اقتطاعها من العمال طوال هذه السنوات، ولماذا لم يتم تحويلها في وقتها، ومن سمح باستمرار الخصم دون متابعة أو مساءلة.
استدرك البعض بأن أزمة التأمين هذه لا تنفصل عن صورة أشمل، تعكس كيف تتعامل بعض الشركات مع حقوق العمال وكأنها بنود قابلة للنهب لا التفاوض، في غياب رادع حقيقي يُلزم أصحاب الأعمال باحترام أدنى مقومات الأمان الإنساني والطبي لموظفيهم.
اختتمت المصادر بالإشارة إلى أن عمال سيراميكا إينوفا يعيشون الآن أزمة مركبة: حرمان من العلاج، واستنزاف لرواتبهم، وغموض حول مصيرهم الطبي، في ظل صمت مؤسسي مطبق، لا يعبّر إلا عن استخفاف فاضح بأرواح بشرية دفعت الثمن كاملاً مقدماً، دون أي مقابل.