ثلث سجون المغرب ممتلئة بأبرياء محبوسين دون حكم قضائي نهائي

أعلن مصدر مسؤول عن استمرار فوضى الاعتقال الاحتياطي في المغرب، رغم كل الادعاءات بتحقيق تقدم. وأكد أن الواقع الميداني يكشف عن استمرار الزج بعشرات الآلاف في السجون دون حكم نهائي، في انتهاك صارخ لمبدأ “المتهم بريء حتى تثبت إدانته”، في وقت تتعالى فيه الأصوات الرسمية بضرورة الترشيد بينما الأرقام تصرخ بالعكس.
لفت المسؤول إلى أن عدد المعتقلين احتياطياً ما زال مرتفعاً بشكل مثير للريبة، رغم التصريحات المتكررة عن التراجع، حيث وصل عددهم إلى ما يعادل 30% من إجمالي السجناء حتى نهاية مايو 2025. وأوضح أن هذه النسبة تعني عملياً أن نحو 31,500 شخص يقبعون خلف القضبان دون أن تصدر في حقهم أحكام نهائية، وهو ما يمثل ثلث الساكنة السجنية البالغة قرابة 105 آلاف سجين.
أشار إلى أن الظاهرة تتفاقم بشكل أوضح خلال فترة الصيف، حيث تتزايد حالات الاعتقال الاحتياطي بشكل لافت، وكأن العدالة في إجازة بينما السجون تستقبل المزيد من البشر، بلا حكم ولا تحقيق مكتمل. وزعم أن القضاء لا يزال يتعامل مع هذا الإجراء كحل سهل وسريع بدل أن يكون استثناء نادراً لا يُلجأ إليه إلا للضرورة القصوى، كما ينص عليه القانون.
استنكر الاعتماد شبه التلقائي على هذا النوع من الاعتقال، دون تفعيل حقيقي للبدائل القانونية، ودون أي اعتبار للعدالة التصالحية أو الكرامة الإنسانية، التي تُنتهك مع كل قرار اعتقال احتياطي غير مبرر. ونوه بأن الآلية تُستخدم أحياناً كعقوبة مبطّنة، أو كوسيلة للضغط قبل المحاكمة، ما يُفرغ مفهوم المحاكمة العادلة من مضمونه تماماً.
أوضح أن أغلب هؤلاء المعتقلين لا يملكون وسائل الدفاع القوية، ويُتركون لشهور وربما سنوات خلف القضبان، في انتظار أن تتحرك عجلة القضاء ببطء قاتل. واسترسل في التأكيد على أن تقليص نسبة الاعتقال الاحتياطي لا يجب أن يكون مجرد شعار يُكرر في المراسلات الرسمية، بل هدف عملي تُسخَّر له كل الجهود الرقابية والإصلاحية.
أردف أن أرقام إدارة السجون تكشف عجزاً واضحاً في معالجة هذا الملف، في ظل ازدحام متواصل داخل السجون، وأحكام متأخرة، وانتهاكات متكررة لحقوق المتهمين. ولفت إلى أن الإبقاء على ثلث السجناء في حالة اعتقال احتياطي هو فشل سياسي وقضائي وإنساني بامتياز.
استدرك قائلاً إن على الجهات القضائية، إذا أرادت فعلاً الترشيد، أن تتوقف عن ترديد النوايا، وتبدأ بمحاسبة من يُفرّط في حرية الناس بلا موجب قانوني حقيقي، وأن تُفعل منظومة المراقبة القضائية بجدّ لا بمراسلات موسمية لا تغيّر في الواقع شيئاً.
أعلن في ختام متابعته أن استمرار هذه الوضعية يضرب الثقة في منظومة العدالة، ويُشعر المواطن أن القانون لا يقيه من التعسف بل يفتح له أبواب السجن قبل أن يسمع حكم القضاء.