كارثة بطريق أبوسمبل تكشف إهمال نقل العمال وتصيب 10 بسبب غياب الرقابة المستمر

أمرت النيابة العامة بفتح تحقيق موسّع وعاجل في الحادث المروّع الذي أسفر عن إصابة 10 عمال بعد انقلاب سيارة ربع نقل بطريق أسوان – أبوسمبل السياحي، وطلبت سرعة الاستعلام عن الحالة الصحية للمصابين وسؤالهم فور استقرار وضعهم الطبي، كما شددت على فحص ملف المركبة ومراجعة أوراق التأمين والسلامة المهنية الخاصة بنقل العمال على هذا الطريق الحيوي.
كلفت جهات التحقيق بسرعة استدعاء مسؤول جهة العمل التابع لها العمال المصابون، إلى جانب التحقيق مع سائق المركبة لكشف ملابسات الواقعة التي تعكس استهتاراً صارخاً بأرواح البسطاء الذين يُلقَون على الطرقات بلا أدنى درجات الأمان، فقط لأنهم مجبرون على ركوب مركبات لا تصلح لنقل بشر.
أكدت المعلومات الأولية أن السيارة المنكوبة كانت تقل عشرة عمال في طريقهم إلى مدينة أبوسمبل، قبل أن تنقلب بشكل مفاجئ بالقرب من كمين أبوسمبل جنوب محافظة أسوان، في مشهد مأساوي لم يكن جديدًا على هذا الطريق المهمل، والذي تحول إلى مصيدة أرواح بسبب غياب الرقابة واستمرار الاعتماد على مركبات ربع نقل في نقل العمال دون اعتبار للسلامة أو القانون.
أوضح شهود عيان أن السيارة كانت تسير بسرعة غير مناسبة لطبيعة الطريق، كما لوحظ تحميلها بعدد من الركاب يفوق طاقتها الفعلية، وسط غياب أي نوع من أنواع الإشراف أو التفتيش الدوري على هذه المركبات التي تسير يوميًا تحت أعين الجميع دون محاسبة أو ضبط.
أشار مصدر مطلع إلى أن الطريق السياحي الرابط بين أسوان وأبوسمبل لطالما شهد حوادث مشابهة، ومع ذلك لا تزال الجهات المعنية تتعامل مع المآسي بروتينية صادمة، وكأن الدم المسكوب لا يعني أحدًا، ما يعكس منظومة خلل عميقة تُدار بعشوائية مقلقة، تتجاوز الإهمال الفردي إلى أزمة بنيوية في منظومة نقل العمال.
لفتت مصادر إلى أن العمال المصابين تم نقلهم إلى مستشفى أسوان التخصصي لتلقي الإسعافات اللازمة، فيما يُعاني بعضهم من إصابات حرجة تطلبت تدخلاً سريعاً من الفرق الطبية، وسط حالة من الاستياء والغضب بين ذويهم الذين طالبوا بفتح تحقيق شامل يُحاسَب فيه كل مسؤول عن استمرار هذه الجرائم اليومية التي تُرتكب في وضح النهار.
أوضح مسؤول أمني مطلع أن مديرية أمن أسوان تلقت بلاغًا بوقوع الحادث، وعلى الفور انتقلت سيارات الإسعاف إلى المكان، وتم تحرير محضر بالواقعة، وإخطار الجهات المختصة لبدء التحقيق، إلا أن ما يحدث فعليًا على الأرض لا يتجاوز تسجيل الواقعة وتدوينها في السجلات، بينما يُترك الضحايا يواجهون مصيرهم وحدهم في ظل غياب المحاسبة الجادة.
استنكرت أصوات محلية تكرار مشاهد نقل العمال في سيارات مكشوفة ومتهالكة دون أي تجهيزات تحميهم من خطر الطريق، وأكدت أن ما جرى اليوم ما هو إلا تكرار لحوادث عدة يتم فيها تعريض أرواح الكادحين للخطر، لأن أحدًا لا يرى أن أرواحهم تستحق وسيلة نقل آدمية.
صرخ الحادث في وجه الجميع ليُذكّرنا بأن الإهمال لا يزال يحكم مفاصل حركة النقل البشري في مصر، وأن حياة العامل البسيط لا تزال تُختزل في سيارة صدئة تسير بسرعة الموت نحو نهاية مجهولة، بلا حماية، بلا تأمين، وبلا أدنى احترام لحقه في البقاء.