المحكمة الجنائية الدولية تتهم قياديين في طالبان بارتكاب فصل عنصري ضد النساء

أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، عن إصدار مذكرتي توقيف بحق اثنين من أبرز قادة حركة “طالبان”، بتهم تتعلق بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، لا سيما اضطهاد النساء والفتيات في أفغانستان.
وذكرت المحكمة في بيانها أنها تملك “أسبابًا معقولة للاعتقاد” بأن زعيم الحركة الأعلى، هبة الله أخوند زاده، ورئيس السلطة القضائية في “طالبان”، عبد الحكيم حقاني، قد أصدرا سياسات ممنهجة حرمت النساء والفتيات من التعليم، والحياة الأسرية، والخصوصية، ومنعت حرياتهن الأساسية في التنقل والتعبير والفكر والضمير والدين.
وقد طالب نشطاء حقوق الإنسان الأفغان المجتمع الدولي بالاعتراف بنظام “طالبان” القائم على قمع النساء باعتباره شكلاً من أشكال الفصل العنصري القائم على النوع الاجتماعي (gender apartheid).
وفي هذا السياق، قالت طاهرة نصيري، الناشطة في مجال حقوق المرأة والمقيمة في كندا، إن إصدار مذكرة التوقيف يمثل “اعترافًا دوليًا بالانتهاكات التي تعرضت لها النساء الأفغانيات”، مضيفة:
“لأربعة أعوام، أمرتنا طالبان بالصمت، بالبقاء في المنازل، بتغطية وجوهنا، بالتخلي عن التعليم، عن أصواتنا وأحلامنا. والآن، تقول محكمة دولية: كفى، هذا جُرم”.
وأضافت: “حتى وإن لم يُحاكم أخوند زاده وحقاني أمام المحكمة، فإنهما باتا يحملان وسم المجرمين الدوليين. لم يعودا مجرد قادة، بل أصبحا مطلوبَين دوليًا”.
وأوضحت المحكمة أن الجرائم المفترضة وقعت منذ سيطرة “طالبان” على الحكم في عام 2021 وحتى يناير 2025، حين طلب المدعي العام للمحكمة إصدار مذكرات التوقيف.
ومنذ عودة الحركة إلى السلطة، فرضت “طالبان” قيودًا صارمة على النساء، شملت منعهن من العمل بأجر، ومن الدراسة الثانوية، وإصدار سلسلة من المراسيم التي حظرت عليهن الوجود في الأماكن العامة، كالحدائق، بل ومنعتهن حتى من الحديث العلني.
ودعت منظمات حقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى دعم المحكمة الجنائية الدولية في تنفيذ أوامر التوقيف. وفي هذا الصدد، قالت ليز إيفنسون، مديرة برنامج العدالة الدولية في “هيومن رايتس ووتش”:
“بات قادة طالبان الكبار الآن رجالاً مطلوبين دوليًا بسبب اضطهادهم الممنهج للنساء والفتيات وللأشخاص غير المطابقين للنوع الاجتماعي”.
وكانت الأمم المتحدة قد اتهمت في تقرير صدر في يونيو الماضي حركة “طالبان” بإلغاء الحماية القانونية للنساء، وتحويل الجهاز القضائي إلى أداة لترسيخ نظام مؤسسي قائم على الاضطهاد والتمييز النوعي. كما أشار التقرير إلى تجميد قانون مكافحة العنف ضد المرأة، والذي تضمن حماية من الاغتصاب والزواج القسري.
وفي وقت سابق من يناير، أعلن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، أنه يعتبر القياديَّين المذكورين “مسؤولين جنائيًا” عن الاضطهاد القائم على النوع الاجتماعي، مؤكدًا أن النيابة تعتزم السعي لإصدار مذكرات توقيف بحق قادة آخرين في الحركة.
وقال خان: “التزامنا بمساءلة مرتكبي الجرائم القائمة على النوع الاجتماعي، بما في ذلك الاضطهاد القائم على النوع، لا يزال أولوية مطلقة”.
بدورها، دعت منظمة “العفو الدولية” المجتمع الدولي إلى الاعتراف بجريمة الفصل العنصري القائم على النوع كجريمة معترف بها في القانون الدولي.
وعلّقت بروانة إبراهيم خيل نجرباي، وهي سجينة سابقة لدى “طالبان” وتعيش حاليًا في ألمانيا، بقولها:
“اعتقال هؤلاء الرجال لن يكون سهلًا، خصوصًا في ظل استمرار بعض الدول بالتعامل مع طالبان. لكنني آمل أن تأخذ الدول الأعضاء في المحكمة هذه الخطوة على محمل الجد، وأن تتحرك لتنفيذ الاعتقالات”.