تعديلات قانون الرياضة تكشف فوضى عمرها سنوات داخل المنظومة الرسمية

أقر مجلس النواب، وسط موافقة جماعية لافتة، سلسلة تعديلات على قانون الرياضة كشفت بما لا يدع مجالاً للشك عن عمق الأزمة المتغلغلة في جسد المنظومة الرياضية الرسمية، والتي بقيت لعقود ساحة مفتوحة للعشوائية، غياب الرقابة، وقرارات مرتجلة لا تمت بصلة للحوكمة أو الميثاق الأولمبي الذي لطالما تم التغني به نظريًا فقط دون أدنى التزام فعلي بمضامينه.
أوضح وزير الشباب والرياضة، وقد بدا عليه الرضا غير المعتاد، أن ما حدث من تعديلات ليس مجرد حبر على ورق، بل محاولة جدية لتصحيح مسار انحرف بشدة، حتى باتت مؤسسات رياضية كبرى مرتعًا للمصالح المتضاربة، والإدارات الأبدية، والقرارات الفردية التي أضرت أكثر مما أفادت. وأضاف أن ما تم تمريره في قاعة البرلمان يمثل إنقاذًا متأخرًا لمنظومة كادت تفقد ما تبقى من مصداقيتها.
أكد الوزير نفسه، وهو يثني على الدعم السياسي المعلن، أن هذه التعديلات جاءت لتُطبق الحوكمة، لا لتُكتب فقط، بعد أن أصبحت الرياضة المصرية صورة مشوهة عن إدارة بلا شفافية، وبنية تفتقر للمحاسبة، وسط تحكم شخصيات بعينها في مفاصل اللعبة دون رقيب ولا مساءلة. زعم أن هذه الإصلاحات لن تسمح بعد اليوم باستمرار من نصبوا أنفسهم ملوكًا داخل الاتحادات والأندية، محتمين بثغرات قانونية وتواطؤ إداري.
أشار إلى أن التعديلات الجديدة تهدف بشكل مباشر إلى كبح جماح من حولوا الرياضة إلى مكاسب شخصية ومناصب لا تُمس، مستغلين غياب القوانين الرادعة، ومؤسسات المراقبة التي غُيّبت عمدًا أو أُضعفت تحت ضغوط المصالح والصفقات المغلقة. أعلن أن زمن التمديد اللامحدود، والغموض المالي، والقرارات الفردية قد انتهى، على الورق على الأقل.
لفت إلى أن أبرز ما تضمنه القانون الجديد هو فرض رقابة مالية صارمة، وتحديد مدد الترشح للمناصب داخل الهيئات الرياضية، ومنع أي التباس في تفسير اللوائح التي كانت تُفصل سابقًا على مقاس أشخاص بعينهم. شدد على أن القانون الجديد سيفرض آلية انتخابية شفافة، ويقطع الطريق على التعيينات المشبوهة، ويعيد تشكيل العلاقة بين الدولة والرياضة على أسس مهنية.
استرسل في التأكيد على أن هذا التحرك لم يأتِ من فراغ، بل هو استجابة لضغوط جماهيرية طالبت لسنوات طويلة بمحاسبة من جعلوا الرياضة مجالًا للفشل المتكرر والتراجع المخجل، في حين كانت تُستهلك الميزانيات وتُهدر الأموال بلا عائد يذكر، سوى الإنجازات الفردية التي تأتي غالبًا رغم المنظومة لا بفضلها.
استدرك قائلًا إن التحدي الحقيقي لا يكمن في كتابة القانون، بل في تنفيذه بحزم، وفي مواجهة شبكات النفوذ الرياضي التي لطالما تفوقت على المؤسسات نفسها، وظلت تعمل تحت مظلة النفوذ، بعيدًا عن الرقابة والمساءلة.
نوه في ختام حديثه إلى أن القانون في صورته الجديدة لا يترك مجالًا للالتفاف، ولا يرحم المتورطين في التلاعب باللوائح والميزانيات، وأن القادم سيكون كاشفًا أكثر، بعدما وُضعت المنظومة أمام مسؤولياتها، ولأول مرة، أمام جمهور لن يقبل بعد اليوم التلاعب باسمه وبمشاعره، باسم الرياضة.