أحزاب وبيانات

كارثة سنترال رمسيس تكشف عجز الحكومة وانهيار الخدمات ووزير الشئون النيابية يستعرض بهاتفه

فجّر اندلاع الحريق في سنترال رمسيس موجة من الفوضى العارمة، حيث تسبب الحادث في شلل كامل لأهم خدمات الاتصالات والإنترنت، تاركًا ملايين المصريين في عُزلة رقمية خانقة وسط صمت حكومي مريب.

اشتعل السنترال الرئيسي بالقاهرة مساء الإثنين، واستمر الحريق لأكثر من ست ساعات كاملة دون قدرة على السيطرة السريعة، رغم خطورة الموقع وحيويته، مما أدى إلى مصرع أربعة من العمال وإصابة 39 آخرين، وسط صراخات الأهالي وعجز كامل في إدارة الأزمة.

أكدت التقارير أن الأضرار لم تكن فنية فقط، بل امتدت لتضرب عمق حياة المصريين اليومية. انقطعت الاتصالات بشكل واسع في القاهرة الكبرى ومناطق من الجيزة، وتراجعت الاتصالية الوطنية إلى 62%، بحسب رصد منظمة NetBlocks، في واحدة من أسوأ الضربات التقنية التي شهدتها البلاد منذ سنوات.

أوضح نواب بمجلس الشعب خلال جلسة عاجلة للجنة الاتصالات أن المواطنين واجهوا حالة من العجز التام عن إجراء أي تحويلات مالية أو حتى استخدام تطبيقات أساسية مثل إنستاباي، في مشهد يعكس هشاشة البنية التحتية التي يُفترض أنها “مؤمنة”. قال أحد النواب في الجلسة: “الناس واقف حالها بسبب الحريق، ولا حد قادر يحوّل فلوس، ولا يسحب، ولا يشتري عيش حتى!”.

زعم وزير الشؤون النيابية محمود فوزي أن الخدمات “شغالة”، ليحاول نفي الواقع الحي أمام النواب عبر استعراض مسرحي قام فيه بتحويل 100 جنيه لنجله عبر إنستاباي خلال الجلسة، وكأن أزمة ملايين المواطنين تُختزل في تجربة هاتفه الخاص. هذا المشهد لم ينجح سوى في تعميق الغضب، إذ ظهر كاستهانة سافرة بحجم الكارثة وتعامل سلطوي مع عقول الشعب.

استدرك الوزير محاولًا تهدئة الموقف بالإشارة إلى متابعة الحكومة للأزمة “لحظة بلحظة” ووعد بتعويضات “مناسبة” للمتضررين ماديًا ومعنويًا، مع التعهد بإعلان نتائج التحقيقات عند الانتهاء منها، دون تحديد موعد واضح أو معايير للتعويضات، مما زاد من الشكوك حول مدى جدية التعاطي مع الكارثة.

أعلنت اللجنة البرلمانية المعنية سلسلة من التوصيات التي لم تتجاوز حدود الكلمات، مطالبة بخطط طوارئ وخطوط بديلة واستجابة أسرع، وكأنها لم تكن تعلم أن البنية كلها انهارت بالفعل، وأن المواطن لم يعد يثق في تلك الشعارات المكررة.

اشتدت المعاناة على الأرض، حيث أبلغ المواطنون في وجه بحري وقبلي عن توقف تام لخدمات الهاتف الأرضي والإنترنت، في حين أعلنت قطاعات مصرفية عن أعطال طالت ماكينات الصرف الآلي، والتي توقفت عن أداء مهامها في عدد من الفروع، ما فاقم الأزمة المالية للأسر، خصوصًا في بدايات الشهر.

أشار متضررون إلى أن العطل طاول أيضًا “سيستم التموين”، ما أدى إلى تعطل صرف السلع الأساسية لساعات طويلة، وسط استغاثات من مواطنين اضطروا للانتظار في الطوابير دون جدوى، وهو ما أظهر هشاشة الرقابة على شبكات الدعم الأساسية في أوقات الطوارئ.

لفتت الحادثة الأنظار إلى غياب خطة حقيقية لحماية المراكز السيادية مثل سنترال رمسيس، حيث بدا أن أي شرارة، صغيرة كانت أم كبيرة، قادرة على شل شريان الاتصالات المصري بالكامل. ومع كل ذلك، لم يظهر أي مسؤول ليعترف بوجود قصور حقيقي أو يعتذر بشكل واضح وصريح، بل اكتفت الجهات الرسمية بالوعود والتطمينات المتكررة.

أردف متابعون بأن حادثة الحريق فضحت عمق الفوضى في بنية الاتصالات الرقمية في مصر، إذ ظهر كمّ الاعتماد الخطير على نقطة مركزية واحدة، وكأن النظام بأكمله مبني على “سلك واحد”، ينقطع فينهار كل شيء. الكارثة لم تكن حريقًا فحسب، بل كاشفة لواقع هش وخطير يعيش عليه ملايين المصريين دون تأمين أو بدائل.

استرسل المواطنون في التذمر والغضب، متسائلين: كيف لدولة تتحدث عن التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي أن تنهار شبكاتها بالكامل بسبب حريق؟ وكيف لم يُفعل أي نظام بديل أو خطة طوارئ؟ أسئلة كثيرة دون إجابة، سوى استعراضات جوفاء على منابر رسمية لا تسمن ولا تغني من جوع.

ولم تكشف النيران عن خلل تقني فقط، بل عن خلل أعمق في إدارة الأزمات، وغياب مريب للمحاسبة، وكأن أرواح الناس وأموالهم واحتياجاتهم اليومية لا تُحسب ضمن أولويات أي مسؤول.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى