عباس شراقي لـ”أخبار الغد”: إثيوبيا تحاول فرض الأمر الواقع ومصر تواجه تداعيات سد النهضة بإجراءات استراتيجية

قال الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والخبير في الشؤون المائية بجامعة القاهرة، إن إعلان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد عن افتتاح سد النهضة رسمياً في سبتمبر المقبل هو محاولة واضحة لفرض الأمر الواقع، متجاهلاً حقوق دولتي المصب، مصر والسودان، والاتفاقات الدولية الملزمة في هذا الشأن.
وأوضح شراقي أن إثيوبيا دأبت على اتباع نهج أحادي في بناء وتشغيل السد، رغم توقيع اتفاق المبادئ في 2015، وفشل كل جولات التفاوض والوساطات الدولية والإقليمية في التوصل لاتفاق ملزم يراعي مصالح جميع الأطراف.
وأضاف الخبير المصري أن إعلان اكتمال السد وتشغيله رسمياً دون اتفاق مع مصر والسودان يمثل انتهاكاً واضحاً للقانون الدولي، خاصة القواعد المتعلقة بالاستخدام العادل والمنصف للمجاري المائية الدولية، وعدم التسبب في ضرر جسيم.
وفي هذا السياق، وصف وزير الري المصري هاني سويلم هذا الإجراء بأنه “غير شرعي”، في تأكيد على الرفض المصري الرسمي لاستكمال المشروع دون توافق.
ورداً على تصريحات آبي أحمد التي أكد فيها أن مصر “لم تفقد لتراً واحداً من حصتها” بسبب السد، قال شراقي إن هذه المزاعم لا تستند إلى وقائع دقيقة، لافتاً إلى أن الفيضان خلال سنوات الملء لم يتجاوز 61 مليار متر مكعب، وهو رقم قريب من المتوسط التاريخي البالغ 55 ملياراً، مشدداً على أن السد العالي كان له دور محوري في حماية مصر من آثار التخزين الإثيوبي.
وأشار إلى أن القاهرة تتخذ منذ سنوات إجراءات احترازية لمواجهة تداعيات السد، من بينها إعادة استخدام 25 مليار متر مكعب من مياه الصرف الزراعي، واستخدام 8 مليارات متر مكعب من المياه الجوفية، و17 مليار متر مكعب من المصارف الزراعية، إلى جانب إنشاء محطات معالجة ثلاثية، بكلفة تجاوزت 500 مليار جنيه.
وأوضح أن الحكومة المصرية قامت بتعديل بعض السياسات الزراعية، منها التحول إلى زراعة بنجر السكر بدلاً من القصب، وتقليص زراعة الموز، وإطلاق مشروع 100 ألف فدان من الصوب الزراعية، وذلك بهدف تقليل الضغط على الموارد المائية.
وحول موقف السودان، أوضح شراقي أنه لم يصدر حتى الآن أي رد رسمي من الخرطوم بشأن دعوة آبي أحمد لحضور الافتتاح الرسمي للسد، مشيراً إلى أن الحرب المستمرة داخل السودان منذ عامين أثرت بشكل مباشر على قدرتها في استخدام حصتها أو تخزينها، ما أدى إلى تحول جزء منها إلى مصر تلقائياً.
كما أشار إلى أن مشروع تبطين الترع ليس مرتبطاً فقط بسد النهضة، بل هو توصية دولية قديمة تبناها وزير الري السابق لتقليل الفاقد المائي وتوفير حوالي 5 مليارات متر مكعب سنوياً.
وفي ختام حديثه، شدد شراقي على أن مصر تعاني شحاً مائياً حاداً، إذ تُعد من أكثر الدول جفافاً عالمياً، وتعتمد بنسبة 98% على مياه النيل كمصدر رئيسي للمياه.
وحذر من أن اتفاقية عنتيبي، التي صادقت عليها ست دول حتى الآن، تمثل إطاراً قانونياً مهدداً يعيد توزيع حصص مياه النيل بطريقة تتجاهل ما تعتبره مصر والسودان “حقوقاً تاريخية”، مشيراً إلى أن البلدين لم يوقعا على الاتفاقية ويرفضانها بشدة.