حوادث وقضايا

كارثة كهرباء العاشر: النيابة تنتدب المعمل الجنائي والحريق يكشف الإهمال

أمرت النيابة العامة في العاشر من رمضان، بفتح تحقيق عاجل لا يحتمل التأجيل في واقعة الحريق المدوي الذي اندلع داخل محطة محولات كهرباء غرب المدينة، وشددت في تعليماتها على ضرورة انتداب خبراء المعمل الجنائي فورًا لإجراء معاينة فنية موسعة وتحليل دقيق لكافة الأجهزة التالفة والأسلاك المحترقة.

ووجهت كذلك بفحص تسجيلات كاميرات المراقبة داخل المحطة ومحيطها، واستدعاء العاملين وفنيي التشغيل للتحقيق معهم في تفاصيل الساعات السابقة على اندلاع الكارثة.

كلفت النيابة فنيين مختصين من وزارة الكهرباء بإعداد تقرير شامل يوضح مدى الالتزام بمعايير الأمان، ووجود أية إشارات سابقة على احتمالية حدوث تسريب زيت أو تماس كهربائي، مع طلب ملفات الصيانة والفحص الفني للمحول المحترق خلال الثلاثة أشهر الماضية، وسط شكوك تحاصر أداء الإدارة الهندسية داخل المحطة.

أكدت النيابة أن الحريق امتد إلى أحد أهم خزانات زيت التبريد في المحطة التابعة لشركة نقل وتوزيع الكهرباء، ما تسبب في انفجار جزئي بالمحول الرئيسي مساء الأربعاء 9 يوليو، وسط ألسنة لهب تصاعدت لعشرات الأمتار، تزامنًا مع انقطاع واسع في التيار الكهربائي طال مناطق سكنية وصناعية بأكملها داخل المدينة.

أوضحت التحقيقات الأولية أن الحريق نشب داخل محطة “S1” نتيجة ارتفاع حرارة محول الكهرباء الرئيسي بشكل غير طبيعي، ما أدى لانفجار خزان الزيت المخصص لتبريده، وهو ما يشير إلى خلل فادح في نظم الحماية والتبريد، وعدم جاهزية المحطة لمواجهة الضغط الشديد الذي فرضته موجة الحر الأخيرة، وهو ما أكده مصدر فني مطلع ضمن فريق الفحص.

استدرك مسؤول ميداني مشارك في جهود الإطفاء أن الحماية المدنية دفعت بـ9 سيارات مطافئ و3 سيارات إسعاف، وسط ارتباك واضح في التنسيق مع مسؤولي الكهرباء الذين لم يتمكنوا من عزل التيار فورًا، ما ساهم في اتساع دائرة النيران وتفاقم الخسائر المادية التي يتم حصرها حتى اللحظة.

زعم شهود عيان أن تأخير تدخل فرق الكهرباء في اللحظات الأولى أعطى النار فرصة لتلتهم المحول بالكامل، وأن الدخان غطى سماء المنطقة لأكثر من ساعة، فيما جرى فرض طوق أمني حول المحطة بالكامل، وإخلاء محيطها تحسبًا لأي انفجارات لاحقة قد تنتج عن سخونة المعدات.

أشار مسؤول بوزارة الكهرباء إلى أن الوزير محمود عصمت انتقل فجر الخميس 10 يوليو إلى موقع الحريق لمتابعة الوضع بنفسه، مؤكدًا أن فرق الطوارئ بدأت إجراءات الفحص والتبريد لإعادة التيار تدريجيًا بعد السيطرة على النيران، بينما يستمر العمل على تقييم التلفيات وإعادة تشغيل المعدات غير المتأثرة.

أعلن رئيس جهاز مدينة العاشر من رمضان أنه وجّه بتوفير كافة المعدات والآليات لدعم عمليات الإطفاء والتبريد، لكنه رفض التعليق على أداء المحطة أو احتمالية وجود إهمال في الصيانة أو الاستعدادات، بينما تتوسع النيابة في استدعاء مسؤولي الأمن الصناعي ومهندسي التشغيل.

نوهت مصادر مطلعة إلى أن النيابة تدرس توجيه اتهامات بالإهمال الجسيم حال ثبوت وجود قصور فني أو مخالفة صريحة لإجراءات الأمان الكهربائي، خصوصًا أن الواقعة تمثل خطرًا استراتيجيًا على منظومة الطاقة في المدينة الصناعية، التي تضم عشرات المصانع والمناطق السكنية الحساسة.

أردف أحد العاملين السابقين بالمحطة أن شكاوى من تهالك نظام التبريد كانت متداولة منذ أسابيع، لكن لم تُقابل بتحقيق أو صيانة حقيقية، وهو ما يفتح الباب أمام احتمالية أن يكون الحريق نتيجة إهمال تراكمي تجاه تحذيرات مبكرة تم تجاهلها عمدًا أو استسهالًا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى