مصر

مصطفي مدبولي يتفاخر بقفزة 100 مركز والطرق تنهار تحت عجلات المصريين يوميًا

أعلن مصطفى مدبولي، خلال استعراضه الأسبوعي، أن مصر قفزت من المركز 118 إلى المركز 18 عالميًا في تصنيف جودة شبكة الطرق، مدعيًا تحقيق “إنجاز غير مسبوق” خلال سنوات قليلة.

هذا التصريح لم يأتِ مدعومًا بأي تفاصيل توضح كيف قفزت البلاد مائة مركز دفعة واحدة، وكأن ترتيبًا عالميًا بهذه الحساسية يمكن تغييره عبر جملة مرسلة أو خطاب متلفز.

أكد مدبولي هذه القفزة المذهلة وكأنها حقيقة مُسلّم بها، متجاهلًا ما يراه المصريون يوميًا من حفر، مطبات، اختناقات مرورية، انهيارات متكررة، وطرقات غير مؤهلة للسير الآدمي، فضلًا عن كوارث مرورية شبه يومية. الرقم الذي ذكره بدا وكأنه مأخوذ من عالم موازٍ لا علاقة له بالواقع الذي يعيشه المواطن البسيط.

أوضح رئيس الحكومة أن مصر كانت في ذيل القائمة، وتحديدًا في المرتبة 118، وأنها اليوم أصبحت في المرتبة 18 عالميًا، دون أن يوضح من الذي منح هذا التصنيف، ولا بأي آلية، ولا في أي تقرير موثق. المواطن المصري، الذي يسير يوميًا وسط فوضى مرورية، وانعدام إشارات، وغياب منظومة نقل منضبطة، لم يشعر بهذه “المعجزة الرقمية” التي لا تملك أي انعكاس على الأرض.

أشار الواقع إلى أن شبكة الطرق لم تشهد التطور الذي يُبرر هذه القفزة الخيالية. عشرات الطرق ما زالت متهالكة، مشاريع “التطوير” تُنفذ بلا دراسات مسبقة، والجسور تنهار حتى قبل أن تكتمل. فهل المطلوب أن يصدق الناس هذه الأرقام، بينما سياراتهم تغرق في شبر مطر، والمواصلات تتحول إلى عذاب يومي؟

أردف عدد من المتابعين أن قفزة 100 مركز في تصنيف عالمي ليست أمرًا يحدث دون ضجيج دولي، أو تقييم واضح، أو مقارنة منهجية. الدول التي تتقدم فعلًا في هذه المؤشرات تحتاج لسنوات من التخطيط والبناء والتنظيم. أما في الحالة المصرية، فكل شيء حدث فجأة، دون أن يلحظ المواطن أي فرق سوى تزايد الإعلانات الرسمية التي تبيع أرقامًا بلا تفسير.

لفت النظر أن مدبولي لم يُقدم أي بيانات داعمة لتصريحاته، ولم يُعلن اسم المؤسسة التي وضعت مصر في هذا الترتيب المتقدم، في حين تتوالى حوادث المرور القاتلة، وتُظهر الإحصاءات عددًا مرعبًا من الضحايا سنويًا بسبب الإهمال وسوء التخطيط.

زعم الخطاب الحكومي أن هذا التقدم يعكس جهود الدولة، لكن الواقع العملي يُكذّب هذا الزعم، ويكشف مفارقة فجّة بين ما يُقال في المكاتب المكيفة، وما يحدث على الإسفلت المحطم. فالناس لا تسير فوق إحصائيات، بل على طرق تحتاج كل صباح إلى تجنب الموت بسبب حفرة، أو انهيار كوبري، أو فوضى مرورية ضاربة بجذورها في كل حي وشارع.

استدرك المواطنون أن إنجاز الطرق الحقيقي ليس في أرقام تُلقى بلا سند، بل في أن يشعر الراكب والسائق والماشي بأن حياته لم تعد مهددة على الأسفلت. وما دام هذا الشعور غائبًا، فكل ما يُقال لا يعدو كونه محاولة لطلاء الواقع بلون زائف، لا يخفي قبح ما يحدث تحت الأقدام.

بهذا التصريح، كشف مدبولي عن رقم لم يصدّقه أحد، وفتح الباب أمام موجة من السخرية والشك، لأن المصريين لم يعودوا يقبلون أرقامًا لا تُرى، وإنجازات لا تُلمس، وقفزات وهمية لا تنتمي لحياتهم اليومية من قريب أو بعيد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى