نظام البكالوريا يكشف عيوب الثانوية العامة ويضعها في مأزق محرج

أوضح التباين الصارخ بين النظامين أن نظام الثانوية العامة أصبح عبئًا ثقيلًا على الطلاب وأسرهم، لا يمنحهم أي فرصة لتحسين مصيرهم الجامعي أو تعديل مسارهم. فقد حُصر الطالب في نظام جامد يعتمد فقط على نتيجة سنة واحدة، هي الصف الثالث الثانوي، وكأن مستقبله كله يُحسم في عام واحد لا غير، دون أدنى فرصة للمراجعة أو المحاولة من جديد إلا من خلال امتحان دور ثانٍ بنصف الدرجة، ليبقى محاصرًا بفرصة واحدة وكأنها لعبة حظ.
أشار المتابعون إلى أن نظام الثانوية العامة القديم يتعامل مع الطالب وكأنه مجرد رقم في ورقة، فلا يسمح له باختيار المواد التي تليق بميوله أو تغيير الشعبة التي أُجبر عليها، بل يُلزمه بمسار إجباري لا مفر منه، سواء كان علميًا أو أدبيًا، وكأن الإبداع والاختلاف والتنوع تهديدٌ للنظام لا فرصة للتميز. وبينما يحتسب المجموع من 320 درجة فقط، تُستبعد بعض المواد من التقييم، مثل اللغة الأجنبية الثانية والتربية الدينية، وكأنها بلا قيمة علمية.
أعلن المتخصصون في التعليم أن النظام الجديد، المعروف بالبكالوريا المصرية، قلب المعادلة بالكامل، وفضح هشاشة النظام القديم، بعدما أتاح للطالب الفرصة الكاملة لإثبات قدراته عبر عامين متتاليين، في الصفين الثاني والثالث الثانوي، مع احتساب أعلى الدرجات بينهما، ليصبح المجموع النهائي من 700 درجة، بمعدل 100 درجة لكل مادة، ما يفتح أمامه آفاقًا أوسع وأكثر عدالة.
أكد العاملون في الشأن التعليمي أن البكالوريا المصرية منحت الطلاب حرية حقيقية في اختيار تخصصاتهم بين أربعة مسارات شاملة: الطب وعلوم الحياة، الأعمال، الهندسة وعلوم الحاسب، والآداب والفنون. في هذا النظام، يستطيع الطالب تغيير مساره إذا شعر بعدم التوافق، شريطة دراسة بعض المواد الإضافية، وهو أمر كان يُعد حلمًا مستحيلًا في النظام التقليدي الجامد.
استدرك بعض المراقبين أن النظام الجديد لم يكتف فقط بتحسين المجموع وتعدد الفرص، بل أعاد الاعتبار لمواد كانت مُهمشة سابقًا، فجعل من التربية الدينية مادة أساسية مضافة للمجموع، وسمح باعتبار اللغة الأجنبية الثانية مادة تخصص ضمن مسار الآداب والفنون، وهو ما يُظهر احترامًا لتنوع القدرات والميول.
نوه معلمون بوجود سبع مواد دراسية يتعامل معها الطالب في الصفين الأخيرين من المرحلة الثانوية ضمن نظام البكالوريا، مما يوسع دائرة المعرفة ويقلل من الضغط الذي كان يتعرض له الطالب حين يُحشر في خمس مواد فقط في سنة واحدة كما كان الحال في نظام الثانوية العامة.
لفت مراقبون إلى نقطة صادمة، وهي أن نظام الثانوية العامة لا يُقيم الطالب إلا في سنة واحدة، بينما يُحاسب طالب البكالوريا على أفضل ما قدمه على مدار عامين، بل ويُمنح أكثر من فرصة امتحانية لتحسين مستواه، ما يُعد تحولًا جذريًا في فلسفة التقييم والمحاسبة التعليمية.
زعم بعض أولياء الأمور أن النظام القديم كان يُجبر أبناءهم على التعامل مع الثانوية كمرحلة عبور عشوائي ومتوتر، بينما أتاح النظام الجديد فرصة حقيقية لفهم الذات، واختيار التخصص، والتحضير للمستقبل بروية، وليس تحت ضغط سنة واحدة ومجموع واحد.
أردف كثير من المهتمين أن تركيز نظام الثانوية العامة على الفصل بين العلمي والأدبي دون أي مرونة أفرز جمودًا في العملية التعليمية، بينما جاء نظام البكالوريا ليكسر هذا الحاجز العقيم، ويمنح الطالب مرونة الاختيار بين مواد تخصصه، في تجربة تُشبه التعليم الجامعي المبكر.
أعلن مطلعون أن الفرق بين النظامين يكشف عورة نظام الثانوية العامة الذي صُمم لخدمة معيار المجموع فقط، وليس لصناعة متعلم متكامل، في حين يضع نظام البكالوريا الطالب في قلب العملية التعليمية، ويمنحه أدوات ومرونة تعكس احترامًا لقدراته وتنوع طموحاته.
أجاب أحد أولياء الأمور ساخرًا بأن نظام الثانوية العامة لا يصلح إلا لدفن أحلام الطلاب تحت ضغط سنة واحدة، بينما أنصفهم نظام البكالوريا، وفتح لهم نوافذ جديدة كانت مغلقة لعقود.