57.5 مليار جنيه تبخرت دون أثر حقيقي رغم وعود فرص العمل

أوضح مصدر مطّلع أن الدولة قامت خلال الفترة من يوليو 2014 وحتى مايو 2025 بضخ 57.5 مليار جنيه تحت لافتة “تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر”، في ظل وعود صاخبة بتحقيق تحول جذري في سوق العمل وتوفير ملايين من فرص التشغيل، إلا أن هذه الشعارات لم تثمر عن واقع ملموس حتى الآن.
أعلن القائمون على إدارة هذه الأموال أن هذه المبالغ ساهمت في توفير 3.4 مليون فرصة عمل، لكن عند فحص الواقع، تتبخر هذه الأرقام مثل دخان في الهواء، فلا أثر حقيقي ملموس لها على الأرض، ولا شواهد تدعم الادعاء بحدوث انتعاش اقتصادي منشود.
أوضح مراقبون أن هذه التمويلات التي تم تقديمها على مدار أكثر من عشر سنوات لم تترك بصمة واضحة في المشهد الاقتصادي أو الاجتماعي، وكأنها صُرفت على مشروعات ورقية سرعان ما اختفت، تاركة خلفها تساؤلات صادمة عن الكيفية التي تم بها توزيع هذه الأموال، ولمن؟
لفت مختصون إلى أن تكرار الأرقام وتضخيمها في بيانات متتالية لا يعني بالضرورة تحقق الأثر، بل ربما يكون وسيلة لستر الفشل، خاصة وأن المواطن البسيط لا يرى أثراً لهذه “الملايين من فرص العمل” في حياته اليومية، بل يشهد على ارتفاع معدلات البطالة، وتآكل الطبقة المتوسطة، وغياب أي مظاهر ازدهار حقيقية في أوساط صغار المستثمرين.
استدركت بعض الجهات بأن هناك مشروعات تم تمويلها بالفعل، لكن لم يتم الإشراف الجاد عليها، ولم تُفعّل آليات المتابعة أو تقييم الأداء، مما جعل المال العام عرضة للضياع بين أيدي المتربحين أو المضللين ممن تسللوا إلى تلك البرامج بشهادات وهمية وخطط كرتونية.
أشار من راقبوا هذه العملية إلى أن ما يقارب 58 مليار جنيه خُصصت بالفعل، ومع ذلك لا تزال أزمة فرص العمل قائمة، والمواطن لا يشعر بأي فارق حقيقي، ما يثير الريبة ويكشف عن وجود فجوة عميقة بين ما يُقال وبين ما يحدث فعلياً.
أكدت قراءات متخصصة أن الرقم المعلن عن 3.4 مليون فرصة يبدو ضخمًا على الورق، لكنه متناقض مع الواقع المُعاش في الأسواق، حيث يعاني الكثير من الشباب من العطالة والبطالة، ويضطرون للبحث عن بدائل غير آمنة أو الهجرة بحثاً عن أمل مفقود.
استرسل بعض المتابعين في الإشارة إلى أن حجم التمويل كان كفيلاً بإحداث ثورة إنتاجية فعلية لو أُدير بشفافية وفعالية، لكنه ضاع في غياب خطط حقيقية، أو إرادة حاسمة لمكافحة الفساد الإداري والروتيني والوساطة والمحسوبية التي نخرت في صميم هذه البرامج.
أجاب الواقع نفسه على تساؤلات الرأي العام: أين ذهبت هذه الأموال؟ لماذا لم يشعر المواطن بتأثيرها؟ لماذا تزداد المعاناة رغم هذه المليارات التي تم ضخها؟
زعم القائمون على هذه المبادرات أنها أحدثت فارقًا، لكن الحقيقة المرة أن المواطن يرى المصانع الصغيرة تغلق، والشباب يتسكع على الأرصفة بلا أمل، والبنوك تطالب من اقترضوا بمستحقاتها دون أن يكونوا قد جنوا شيئًا من تلك المشاريع.
هكذا، تتراكم الأرقام في التقارير، وتختفي آثارها في الميدان، ويبقى المواطن رهين وعود لم تُنفّذ، ومشروعات لم تُر، وأموال ضُخت وكأنها سُكبت في الرمال.