74 شهيدًا بغزة وحماس توافق على إطلاق 10 أسرى وسط التعنت الإسرائيلي

أعلنت حركة حماس موافقتها على إطلاق سراح عشرة أسرى إسرائيليين ضمن مبادرة جديدة للتوصل إلى تهدئة مؤقتة في قطاع غزة، إلا أن الحركة نبهت إلى أن المباحثات الجارية حاليًا تسير بصعوبة شديدة نتيجة ما وصفته بتعنت الاحتلال الإسرائيلي، الذي لا يتوقف عن تصعيد عدوانه الدموي على القطاع المحاصر.
سجلت الساعات الأخيرة مذبحة جديدة أضافت 74 شهيدًا فلسطينيًا إلى قوائم الضحايا، في وقتٍ تستمر فيه آلة القتل الإسرائيلية في حصد أرواح المدنيين بلا هوادة، غير آبهة بمساعي وقف إطلاق النار أو المناشدات الدولية المتكررة. كل ذلك يجري بينما لا تزال تل أبيب تماطل في التوصل لاتفاق رغم انخراط وسطاء كبار من الولايات المتحدة وقطر في جهود مستمرة لكبح جماح المجازر المتصاعدة.
أوضح أحد قيادات حركة حماس، طاهر النونو، أن حركته قد أبدت مرونة كافية لتسهيل الوصول إلى اتفاق حقيقي يحمي الشعب الفلسطيني من الإبادة، ويكفل دخول المساعدات الإنسانية بصورة حرة وكريمة، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن هذه المرونة لا تعني التنازل عن الثوابت الوطنية أو التساهل مع أي بنود تُفرغ التهدئة من مضمونها.
كشف النونو أن حماس وافقت على المقترح الأخير المطروح من الوسطاء، حرصًا منها على إنقاذ أرواح المدنيين وفتح الطريق نحو مرحلة جديدة من التفاوض تضمن نهاية شاملة للحرب. لكنه استدرك مؤكدًا أن أي اتفاق يجب أن يتضمن انسحابًا فعليًا للقوات الإسرائيلية من المناطق الفلسطينية، بطريقة لا تمس حياة الناس ولا تفرض وقائع جديدة على الأرض تخدم الاحتلال.
لفت إلى أن المرحلة الأولى من الاتفاق تتطلب تحديدًا واضحًا للمناطق التي يجب أن تنسحب منها قوات الاحتلال، بما يهيئ الأرضية لمرحلة ثانية من المفاوضات، تفضي إلى وقف دائم للحرب المستمرة منذ شهور، والتي خلفت آلاف القتلى والجرحى ودمارًا هائلًا في كل أرجاء القطاع.
وفي مشهد سياسي موازٍ، قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرتين خلال الأسبوع الجاري، إن هناك فرصة “جيدة جدًا” لبلوغ اتفاق وقف إطلاق نار في غزة، لكنه عاد وخفف من نبرته بتأكيده أن الأمور في الحرب ليست محسومة، وأن احتمالات الاتفاق قد تتحقق خلال هذا الأسبوع أو الأسبوع المقبل.
استرسل ترامب بتعبيرات أقل تفاؤلًا، ملمحًا إلى أن التعقيدات التي تحيط بالوضع في غزة لا تسمح بتوقع نتائج قاطعة، مؤكدًا أن أي شيء قد يحدث، سواء في غزة أو في غيرها من مناطق النزاع المشتعلة في العالم.
تجاهلت القوات الإسرائيلية تلك المؤشرات السياسية، وواصلت عملياتها العسكرية المكثفة، مخلفة مزيدًا من القتلى والدمار، في مشهدٍ يعكس إصرارًا مفضوحًا على إبقاء الوضع على حاله، مع استخدام واضح للمجازر كورقة ضغط على طاولة التفاوض.
أشارت المعطيات الواردة من قطاع غزة إلى أن المساعدات لا تزال تتعثر على أبواب المعابر، في ظل غياب أي ضمانات فعلية من الطرف الإسرائيلي، الذي يصر على تقييد دخول المساعدات وربطها بشروط أمنية تعجيزية، وسط صمت دولي مطبق وعجز تام عن لجم العدوان المستمر.
أصرّت حماس على أن أية تهدئة لن تكون مجدية أو قابلة للصمود ما لم تترافق مع انسحاب عسكري كامل وضمانات مكتوبة ومُلزمة بوقف دائم للعمليات العسكرية، وإنهاء الحصار بشكل جذري، وإدخال المساعدات دون إذلال أو تحكم من قبل المحتل.
تتواصل المجازر، ويُعلّق وقف إطلاق النار على خيوطٍ بالية من الأمل، بينما يواصل الاحتلال ابتزاز المفاوضات بدماء المدنيين، رافضًا تقديم أدنى تنازل يفتح الباب أمام نهاية حقيقية للعدوان. غزة لا تزال تنزف، والعالم يكتفي بالمراقبة.