حوارات وتصريحات

خطوط إنتاج الأسمنت توقفت عمدًا وكامل الوزير أنقذ المتسببين بالكارثة

أكد أحد أبرز المسؤولين في قطاع مواد البناء أن ما حدث مؤخرًا في سوق الأسمنت لا يُوصف إلا بأنه لعبة قذرة شاركت فيها أطراف نافذة، تواطأت بشكل مريب لإشعال الأسعار واحتكار السوق، مستغلين غياب الرقابة وضعف التدخل الرسمي حتى بلغ الطن مستويات لم يعرفها السوق من قبل.

أوضح رئيس شعبة مواد البناء أحمد الزيني أن التدخل المتأخر للفريق كامل الوزير أعاد تشغيل خطوط الإنتاج التي كانت مُعطلة عمدًا، لا بسبب أعطال أو ظروف طارئة، بل بقرار واضح من بعض الشركات الكبرى التي تعمّدت تقليل المعروض، لتصنع أزمة مصطنعة رفعت الأسعار بشكل هستيري على المواطنين والمستثمرين معًا.

كشف الزيني أن الطن انخفض بواقع 1300 جنيه دفعة واحدة فور عودة خطوط الإنتاج للعمل، وكأن السعر كان مُعلّقًا على خيط بيد تلك الشركات، التي تلاعبت بالسوق علنًا، وأخضعت الأسعار لمصالحها دون أدنى مراعاة لآلاف العاملين والكيانات التي توقفت بسبب الغلاء الفاحش.

أشار الزيني إلى أن الشركات الكبرى تعاملت مع السوق وكأنه ملعب خاص بها، أغلقت المصانع متى شاءت، وقلّلت المعروض عن قصد، ورفعت الأسعار دون مبرر، ثم حين تدخّل الوزير لإطفاء الحريق، انصاعت فجأة وكأنها كانت تنتظر إشارة لإيقاف التلاعب بعد أن حصدت ما يكفي من الأرباح على حساب الناس.

استدرك الزيني بسؤال لا يمكن تجاهله: من سمح لهذه الشركات أن تتوقف؟ ومن منحها الحق في التحكم بمصير سلعة حيوية بهذا الشكل الفج؟ ولماذا لم يتدخل الوزير من البداية بدلًا من الانتظار حتى وصلت السوق لحافة الانهيار؟

لفت إلى أن ما جرى لا يمكن وصفه سوى بأنه تواطؤ معلن، استخدمت فيه أدوات السوق كسلاح ابتزاز، وتُرك المواطن وحده يتلقى الضربات، بينما بقيت الحكومة تراقب بصمت حتى انفجرت الأزمة، فتحرك الوزير لا لمعاقبة من خلقوا الأزمة، بل لإعادة تشغيل مصانعهم، وكأن الهدف إنقاذهم لا محاسبتهم.

زعم عدد من المتابعين أن التدخل في هذا التوقيت لم يكن حلاً بل تغطية على الجريمة، وأن عودة الإنتاج ليست إنجازًا، بل فضيحة أكبر، لأنها تؤكد أن الإغلاق كان متعمدًا، والانخفاض الأخير في الأسعار لم يحدث بسبب خطة حكومية أو رقابة صارمة، بل نتيجة الضغط الشعبي والخوف من تصاعد الغضب.

بات من الواضح أن المتحكم الحقيقي في سوق الأسمنت ليس الدولة، بل حفنة من الشركات التي تلعب بالمليارات، وتفرض أسعارها دون رقيب، وتخلق الأزمات متى أرادت، بينما يظهر الوزراء في المشهد فقط لإطفاء الحرائق، لا لمنع إشعالها.

هذه ليست أزمة عرض وطلب، بل عملية عبث كاملة، افتُعلت لإرهاق الجميع، وجرى التعامل معها بعد خراب البيوت، دون أي وعد بمحاسبة الفاعلين، ما يُنذر بتكرارها في أي لحظة، طالما لا أحد يجرؤ على وضع حدّ لهذا التلاعب الممنهج.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى