حقوق وحريات

واشنطن تحاصر خبيرة أممية بسبب كشفها انتهاكات إسرائيل ضد الفلسطينيين

أعلنت الإدارة الأمريكية عن فرض عقوبات مفاجئة وصادمة على الخبيرة الأممية البارزة فرانشيسكا ألبانيز، بعد تصعيدها الحاد ضد الجرائم الإسرائيلية المتواصلة في الأراضي الفلسطينية، وتحركاتها الجريئة لدفع المحكمة الجنائية الدولية نحو محاسبة المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين المتورطين في دعم تلك الجرائم.

القرار لم يكن مجرد إجراء روتيني، بل كشف عن الوجه الحقيقي لتواطؤ دولي تحركه مصالح وتحالفات فوق العدالة.

اتهمت واشنطن ألبانيز بأنها تمارس ضغوطًا غير مشروعة على المحكمة الدولية وتشن ما وصفته بالتحريض المخجل ضد شركات ومديرين أمريكيين وإسرائيليين، ما دفع وزير الخارجية ماركو روبيو يوم الأربعاء إلى إعلان إدراجها رسميًا ضمن قائمة العقوبات الأمريكية، في خطوة لم يُشهد لها مثيل تجاه مسؤول أممي يلاحق انتهاكات حقوق الإنسان.

أوضحت ألبانيز، التي تعمل مقررة خاصة معنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية لصالح مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن هذه العقوبات تعني تجميد أصولها، ومنعها من السفر بحرية، وفرض قيود صارمة على تواصلها مع أي شخص داخل الولايات المتحدة أو حتى حاملي بطاقات الإقامة الأمريكية. وأضافت، من البوسنة التي وصلت إليها لحضور الذكرى الثلاثين لمجزرة سربرنيتشا، أن ما يحدث الآن يتجاوز أي خط أحمر، وأن الرسالة التي تبعث بها واشنطن للعالم مفادها أن من يفضح القمع، سيُقمع.

لفتت الخبيرة الأممية إلى أن هذه الخطوة الأمريكية تمثل تهديدًا مباشرًا لكل من يعمل في مجال حقوق الإنسان حول العالم، مؤكدة أن “الأمر أصبح مخيفًا”، لأن من يتعامل معها، حتى بشكل غير مباشر، قد يتعرض للعقوبة أو الملاحقة، وهو ما يخلق مناخًا خانقًا من الترهيب الصامت والاستهداف السياسي.

استنكرت ألبانيز هذا الإجراء بوصفه سابقة خطيرة، ليس فقط لأنها أصبحت أول مقررة أممية تُدرج في قوائم العقوبات الأمريكية، بل لأن هذه الخطوة تُعد إعلانًا صريحًا بأن الولايات المتحدة لن تتسامح مع أي محاولة لكشف انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي أو توثيق معاناة الفلسطينيين، حتى لو كانت تلك المحاولات تستند إلى القانون الدولي.

أشارت إلى أن هذا التصعيد الأمريكي يهدف إلى كسر العزيمة الأممية ومصادرة إرادة من يرفض الصمت، كما أنه يعكس مدى الانزعاج الأمريكي من أي تحرك جاد يقترب من محاسبة رموز التحالف الإسرائيلي الأمريكي. وعلى الرغم من هذه القيود، شددت ألبانيز على أنها لن تتراجع عن مهمتها، ولن توقف تقاريرها، معتبرة أن هذه العقوبات ليست إلا دليلاً إضافيًا على أن ما تفعله بدأ يزعج صُنّاع القرار فعليًا.

زادت المخاوف بين أوساط المدافعين عن حقوق الإنسان من أن تتحول هذه السابقة إلى أداة ترهيب دولي، تمنع أي خبير مستقل أو موظف أممي من القيام بعمله بحرية، خاصة إذا كان هذا العمل يفضح جرائم ترتكبها قوى كبرى أو حلفاؤها في مناطق النزاع. واللافت أن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها ألبانيز لحملات تشويه وضغط سياسي، لكن هذه المرة تبدو أكثر عدائية وشراسة، لأنها جاءت مصحوبة بإجراءات تنفيذية فعلية.

أنهت ألبانيز حديثها بالتأكيد على أن الرعب الذي تحاول الإدارة الأمريكية نشره حولها لن يثنيها عن الاستمرار، بل سيزيدها إصرارًا على كشف ما يحدث في الأراضي الفلسطينية من تنكيل وقتل وتهجير، وكل ذلك باسم الأمن والدفاع عن النفس، في حين تُرتكب مجازر يومية بحق شعب بأكمله وسط صمت دولي خانع.

بهذا القرار، لا تُعاقب ألبانيز وحدها، بل يُوجَّه إنذار صريح لكل من تسوّل له نفسه الاقتراب من الحقيقة، أو حتى التفكير في مساءلة القوى الكبرى، مهما كانت الجرائم التي ترتكب باسم السيادة أو التحالفات.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى