حقوق وحرياتملفات وتقارير

دعوة رئاسية للعنف تُشعل كينيا: جثمان بائع شهيد يثير العاصفة

اتهم قادة المعارضة الكينية الرئيس وليام روتو بتأجيج العنف بعد تصريحاته الأخيرة التي دعا فيها الشرطة إلى إطلاق النار وكسر أرجل المتظاهرين، متذرعًا بالتصدي للفوضى التي وصفها بأنها متنكرة في صورة احتجاجات سلمية. وطالبوا بتنحيه الفوري أو عزله، مؤكدين أن تصريحاته “تنتهك الدستور الكيني بشكل صارخ”.

أعلن الرئيس الكيني في تصريحات يوم الأربعاء رفضه القاطع لاستمرار المظاهرات المناهضة للحكومة، متوعدًا بإنهائها بأي وسيلة، ودافع عن حق الشرطة في استخدام القوة المفرطة ضد من وصفهم بـ”المخربين”، وهو ما فجّر موجة من الغضب الشعبي ودفع المنظمات الحقوقية إلى مطالبة الشرطة بضبط النفس فورًا.

أكدت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، وهي هيئة ممولة من الدولة، أن أكثر من 50 شخصًا لقوا مصرعهم خلال مظاهرتين رئيسيتين هزّتا البلاد مؤخرًا، مشيرة إلى تصاعد العنف وتزايد الانتهاكات ضد المتظاهرين بشكل غير مسبوق. وأوضحت أن بداية الاضطرابات تعود إلى وفاة مدون شاب داخل الحجز الشهر الماضي، في واقعة أثارت غضبًا عارمًا، وتفاقمت بعد مقتل المدني بونيفيس كاريوقي.

زعم ذوو الضحية بونيفيس كاريوقي، البائع المتجول الذي كان يبيع الكمامات للمتظاهرين في احتجاجات ضد عنف الشرطة يوم 17 يونيو، أنه قُتل برصاص شرطيين بينما كان يدير ظهره لهما ويبتعد، مؤكدين أن الحادث تم تصويره بالكامل على يد الصحفيين، ما جعله رمزًا للغضب الشعبي المتصاعد.

أوضح شهود العيان أن جثمان كاريوقي وصل إلى مقبرة “غيثونغوري” في مقاطعة مورانغا داخل تابوت أبيض مغطى بالعلم الكيني، وتحيط به صور للحظة مقتله. ورقص عشرات الشباب حول التابوت حاملين الأعلام الوطنية، في مشهد مهيب عكس حجم الألم والغضب.

أعلنت الشرطة الكينية يوم الخميس عن توجيه تهمة القتل العمد إلى أحد الضباط المتورطين في مقتل كاريوقي، ومن المقرر أن تُعقد جلسة الاستماع للمرافعة يوم 28 يوليو الجاري. ولم يُشاهد أي شرطي بزي رسمي في مراسم التشييع، بينما انتشرت قوات مكافحة الشغب في أرجاء بلدة مورانغا المجاورة.

أردف حاكم مقاطعة مورانغا، إيرونغو كانغاتّا، أن السلطات المحلية “لن تسمح بمرور الجريمة دون محاسبة”، مطالبًا الحكومة بتحمل مسؤوليتها الكاملة عن مقتل كاريوقي، ومتعهدًا بالعمل لتحقيق العدالة.

شاركت العديد من الأمهات اللاتي فقدن أبناءهن في مظاهرات العام الماضي، والتي تجاوز عدد ضحاياها 100 شاب، في تشييع جثمان كاريوقي، وظهر الحزن جليًا على وجه والدته سوزان نيامبورا نجييري أثناء إنزال التابوت إلى القبر، بينما ألقى والده، جوناه كاريوقي، حفنة من التراب على نعش ابنه.

نوهت التقارير القضائية بأن أربعة ضباط شرطة لا يزالون محتجزين على خلفية مقتل عدد من الشباب خلال الاحتجاجات، ويواجهون تهمًا بالقتل أمام المحكمة. كما جرى الشهر الماضي توجيه اتهام إلى ثلاثة ضباط بقتل المدون ألبرت أوجوانغ أثناء احتجازه. وبررت الشرطة الواقعة آنذاك بأنه توفي بعد أن ضرب رأسه بالحائط عدة مرات، لكن تقرير الطب الشرعي نفى تلك الرواية جملة وتفصيلًا، مؤكدًا أن الإصابات لم تكن ذاتية.

أعلن الادعاء العام يوم الخميس توجيه اتهامات بالقتل إلى الشرطي كلينزي باراسا في حادث منفصل، ومن المقرر أن يقدم دفوعه أمام المحكمة في جلسة 28 يوليو.

احتشد الآلاف في احتجاجات حاشدة يوم 25 يونيو، التي تزامنت مع الذكرى السنوية الأولى لمظاهرات مناهضة للضرائب، ما أعاد إشعال الغضب الشعبي ضد سياسات الحكومة القمعية، وجدد المطالبات بوقف عنف الشرطة ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.

استرسل المشهد الجنائزي في تكثيف الضغوط على الرئيس الكيني، الذي أصبح تحت وطأة الغضب الشعبي، وسط تصاعد المطالب برحيله، وإصرار الشارع الكيني على رفض الاستبداد والقتل تحت غطاء الأمن.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى