
اليوم ( 12 يوليو 2025 )، ألقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خطابًا هامًا وصف فيه حادثة تسليم أسلحة من مقاتلي حزب العمال الكردستاني (PKK) بأنها “صفحة جديدة” و”يوم جديد” في تاريخ تركيا.
ما قاله أردوغان اليوم واصفًا المرحلة الحالية بأنها تحول جذري..
قال: “اليوم، فُتحت أبواب تركيا القوية العظيمة على مصراعيها”، ملمحًا إلى بداية حقبة من السلام والاستقرار .
أشاد ببدء مراسم إحراق الأسلحة من قبل مقاتلين رمزية في شمال العراق، معتبرًا أن هذه البداية تمهّد لنهاية الصراع المسلح الذي استمر عقوداً.
دعا البرلمان إلى دعم تشريعي واسع النطاق لتأسيس إطار قانوني ينظم عملية نزع السلاح ودمج أعضاء الحزب في العملية السياسية المدنية.
أعلن عن تشكيل لجنة برلمانية ستشرف على الفترة الانتقالية لضمان التنفيذ السلس والمراقب للعملية.
بدون شك هذا الخطاب له دلالات وتبعات يمكن قراءتها على النحو التالى:
1- تحوّل استراتيجي نحو السلام.
إعلان PKK نيتها لنزع السلاح ودمجه في العمل السياسي يمثل فرصة لإنهاء النزاع الداخلي الطويل والمكلف، ويفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الوحدة الداخلية والتنمية الوطنية.
2- إصلاح دستوري محتمل.
الخطاب يعزز من التوقعات بأن أردوغان يحقق توافقًا داخليًا (بما في ذلك الدعم الكردي المحتمل عبر حزب DEM ) لتمرير إصلاحات دستورية، قد تشمل إزالة القيود على عدد فترات الرئاسة– وربما تمكينه من الترشّح مجددًا بعد 2028.
3- رؤية متكاملة للأمن الإقليمي.
مواقف أردوغان السابقة أكدت رفض تقسيم سوريا ومعارضة وجود PKK/YPG داخل حدودها.
وسياسات اليوم تتسق مع ذلك، كسعي لمواجهة الإرهاب وتحقيق استقرار جيوسياسي يستند إلى الاعتراف بوحدة الأراضي السورية بدعم من حكومة دمشق الجديدة.
4- تعزيز الإطار الدولي والإقليمي لتركيا.
باستخدام لغة تحفيزية وطنية- مثل “تركيا القوية” و”القرن التركي”- أردوغان يرسّخ مبدأ تركيا الفاعل الاستراتيجي الإقليمي في ملفات سوريا وفلسطين والأمن الإقليمي.
5- من المؤكد أنه سيقفز لصناعة دستور جديد بعد أن توفرت له الأصوات البرلمانية اللازمه بدخول الأكراد في تحالفه السياسي.
لكن لا زال أمامه مشكلة أكراد سوريا والعراق، والسؤال هل هناك توافق أمريكي تركي يجبر هؤلاء الأكراد علي التخلي عن فكرة الدولة الكردية والدخول في نسيج سوريا والعراق وماهو ثمن ذلك ؟
6- أردوغان يحقق إنجازات في الملف الخارجي لا شك في ذلك لكن يبقي الملف الاقتصادى هو التحدى الأكبر الذى يواجهه.
7- سيظل أردوغان داعما للملف الفلسطيني عبر قوته الناعمة ولكنه لا يستطيع تجاوز ذلك الآن فقوته الخشنة واقتصاده لا يكفي لتحدى الأمريكي.
وهو فقط سيرسم خطوطا يحاول فيها ابعاد أصابع الصهيوني عن سوريا بقدر الإمكان ويحدد قواعد اللعبة بينه وبين إسرائيل حتى لا يحدث بينهما صدام على الأرض السورية.
“ما المتوقع في تغيير الدستور التركي؟”
1- تمكين أردوغان من الترشح مجددًا للرئاسة.
الدستور الحالي يمنع أردوغان من الترشح لولاية جديدة في 2028 ( بعد ولايتين رئاسيتين متتاليتين )، إلا في حال “انتخابات مبكرة” أو تعديل صريح في النص الدستوري.
والتوقع المرجّح: تعديل المادة المتعلقة بعدد الفترات الرئاسية أو اعتبار النظام السياسي في مرحلة جديدة بعد المصالحة الداخلية، مما يتيح له الترشح مرة ثالثة أو أكثر.
2- دستور مدني جديد بالكامل.
أردوغان صرّح عدة مرات أن تركيا بحاجة إلى “دستور مدني محلي ووطني”، بديل عن دستور 1982 الذي وضعه العسكر بعد الانقلاب.
يتوقع أن يُصاغ دستور جديد يُكرّس:
نظام رئاسي قوي بصلاحيات أوسع على النحو التالى:
- تقليص دور الجيش في السياسة دستوريًا.
- هيكلة جديدة للسلطة القضائية لضبط توازنها مع السلطة التنفيذية.
- إعادة تعريف العلمانية بطريقة تتوافق مع القيم الإسلامية المحافظة التي يتبناها حزب العدالة والتنمية.
3- دمج استحقاقات القضية الكردية.
بند متوقع إضافته أو تعديله: الاعتراف بالحقوق الثقافية والمدنية للأكراد (اللغة، الإدارة المحلية، الحقوق السياسية).
ويتم هذا مقابل نزع سلاح حزب العمال الكردستاني، وقد يُمنح الأكراد:
- صلاحيات أوسع للحكم المحلي.
- ضمانات قانونية بحقوق اللغة والتعليم.
- إزالة الحظر الدستوري على بعض الأحزاب الكردية أو الرموز القومية.
4- ضبط حرية التعبير والإعلام.
رغم أن ذلك قد يُصاغ بلغة “الحماية من خطاب الكراهية” أو “حماية النظام العام”، إلا أن هناك تخوفات من أن يشمل التعديل: فرض ضوابط أكثر صرامة على الإعلام.. توسيع صلاحيات السلطات في محاكمة منتقدي الدولة تحت مسميات جديدة.
5- المسار المتوقع للتعديل.
أردوغان سيحتاج إلى دعم 400 نائب من أصل 600 في البرلمان لتمرير تعديل دستوري مباشر، أو 360 نائبًا فقط إن أراد الذهاب به إلى استفتاء شعبي.
وهذا يتحقق بتحالفه غير الرسمي مع حزب العدالة والتنمية (AKP)، والحركة القومية (MHP)، ودعم محتمل من الأكراد (DEM)، يمكنه الوصول إلى هذا الرقم.
ونستطيع أن نقول أن إحتمالية التنفيذ: مرتفعة..
عامل مؤشر التوافق السياسي (بسبب نزع السلاح): إيجابي..
قدرة أردوغان على حشد دعم شعبي: مرتفع..
توقيت التغيير (2025– 2026)قبل انتخابات 2028: مناسب..
المعارضة داخل الدولة العميقة/الجيش موجودة: جزئيًا..
قبول المجتمع الدولي: مشروط بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
“خلاصة مترابطة”
الخطاب: يدور حول نهاية مرحلة العنف ومكافحة الإرهاب وتحويل قوة PKK إلى تأثير مدني وديمقراطي.
الدلالات السياسية: دعم داخلي يمكن أن يؤسس لإطلاق دستور مدني جديد وتعديل قواعد الولاية الرئاسية.
الإقليمية: تأكيد على وحدة سوريا وعدم السماح بتقسيمها أو بوجود إرهابيي PKK/YPG.
الاستراتيجية طويلة الأمد: بناء “تركيا عظيمة” اقتصادياً وسياسياً، تستند لمبادئ السلام الداخلي والتوازن الإقليمي.
تغيير الدستور التركي هو محور حيوي في خطاب أردوغان اليوم، والتوقعات تشير إلى أن هناك نية واضحة لإحداث تعديل دستوري شامل.