حقوق وحرياتملفات وتقارير

قتل المتظاهرين بأوامر مباشرة من رئيسة وزراء بنغلاديش قبل فرارها المفاجئ

كشفت تسريبات صوتية موثقة أن الشيخة حسينة، التي كانت تتربع على عرش السلطة في بنغلاديش، أصدرت أوامر مباشرة وواضحة لقوات الأمن بإطلاق الرصاص الحي بقصد القتل ضد المتظاهرين، في لحظة كانت البلاد فيها تغلي غضبًا.

لم يكن الأمر موجهًا لتفريق الحشود أو ردع التجمهر، بل كان قرارًا رسميًا بإسالة الدماء وتصفية الأصوات المطالبة بالعدالة والحرية، بدم بارد وبلا ذرة تردد.

أظهرت التسجيلات أن حسينة لم تتردد في إعطاء الضوء الأخضر لاستخدام القوة القاتلة، ما يؤكد أن ما جرى لم يكن نتاج فوضى ميدانية، بل جريمة مدبرة صدرت عن رأس الهرم السياسي بشكل مباشر.

وأتى هذا القرار الجنوني في ذروة الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت في أنحاء البلاد خلال يوليو 2024، احتجاجًا على سنوات من القمع والفساد والمحسوبية التي انفجرت دفعة واحدة في وجه النظام.

اقتحم المتظاهرون القصر في مشهد هزّ البلاد وأهان السلطة، وواجهوا بصدورهم العارية رصاصًا قاتلًا كان ينتظرهم بأمر من أعلى سلطة في الدولة، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى، في واحدة من أبشع المجازر التي شهدتها بنغلاديش منذ أكثر من خمسين عامًا.

لم تكن مواجهة بين شعب وأمن، بل كانت مجزرة سياسية صريحة نُفذت بوعي كامل، استهدفت كل من تجرأ على رفع صوته في وجه السلطة.

هربت الشيخة حسينة من البلاد في أغسطس 2024، بعد أن اشتعل الشارع وتمكن المتظاهرون من اقتحام معقلها، لتختفي في صمت خائن دون كلمة، وكأن شيئًا لم يكن، تاركة خلفها دماءً لم تجف، وأرواحًا لم تهدأ، وجرائم لا تسقط بالتقادم. لم تكن استقالتها فعل شجاعة أو ندم، بل كانت هروبًا مذعورًا من محاسبة شعب لم يعد يقبل التلاعب بحياته وكرامته.

أكدت الوقائع أن ما جرى لم يكن انهيارًا مفاجئًا، بل نتيجة حتمية لنظام حكم استبدادي طالما تعامل مع الشعب كعدو، وأدار البلاد كأنها عزبة خاصة، لا تعرف القانون إلا حين يخدم السلطة، ولا ترى الشعب إلا حين يصمت. وكانت النهاية سقوطًا مدويًا على يد شعب كسر القيود واقتحم الجدران وواجه الرصاص بالحجارة والصراخ والدم.

زادت التسريبات من اشتعال الشارع، إذ جاءت كدليل حي ودامغ على تورط حسينة شخصيًا في سفك الدماء، ولا مجال بعدها للإنكار أو التهرب.

أصوات الأوامر التي طالبت بالقتل لا تزال تتردد في الذاكرة الوطنية، شاهدة على رئيسة لم تكن ترى في الشعب إلا خطرًا يجب سحقه، وليس أمة تستحق الاحترام والعدل.

تجاهلت المؤسسات الرسمية الكارثة، وغاب الإعلام عن واجبه، لكن الحقيقة خرجت للنور، ولم يعد أحد قادرًا على تجميل المشهد أو تغطية الدم النازف. فضيحة من العيار الثقيل هزّت أركان النظام، وتركت خلفها سؤالًا مفتوحًا: من يحاسب من أمر بقتل الناس ثم فرّ تحت جنح الظلام؟

هكذا سقط القناع، وانكشفت السلطة على حقيقتها، لا قانون ولا شرعية، بل رصاص وأوامر قتل صادرة من قمة السلطة ضد أبناء الوطن، في لحظة عار لن ينساها تاريخ بنغلاديش، مهما حاول البعض دفنها تحت رماد الأكاذيب.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى