مصر تغرق بـ 168 مليار دولار والجزائر تحرج الجميع بـ 7 مليارات فقط

أكدت البيانات المالية الدولية أن دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا غرقت في مستنقع الدين الخارجي منذ ثمانينيات القرن الماضي حتى يوليو 2025، حتى باتت الأرقام فادحة والنتائج مفزعة، فيما تستمر الحكومات في تحميل الشعوب أعباءً غير مسبوقة بلا أي ملامح حقيقية للإصلاح.
أوضح التقرير أن إجمالي الدين الخارجي لدول المنطقة تجاوز 660 مليار دولار بنهاية النصف الأول من عام 2025، منها 443 مليار دولار على دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وحدها. هذه الأرقام تكشف كارثة مالية مكتملة الأركان، بعدما كان الدين أقل من 200 مليار دولار في بداية الثمانينات، ما يعكس تصاعدًا مرعبًا بنسبة تفوق 220%.
أشار إلى أن مصر احتلت الصدارة كأكبر مديونة في المنطقة، حيث بلغ دينها الخارجي 168.1 مليار دولار في عام 2023، قبل أن يتراجع قليلًا إلى 152.88 مليار دولار في منتصف 2024، لكن الرقم الأخطر يتمثل في مدفوعات خدمة الدين التي بلغت 42.3 مليار دولار في عام واحد فقط، وهو الأعلى على الإطلاق في تاريخها، مما يعني أن الدولة تسدد فوائد وديون أكثر من ميزانيات التعليم والصحة مجتمعة.
أفاد بأن المغرب تلاه في الترتيب بدين خارجي وصل إلى 69.3 مليار دولار، بينما لبنان المنهار اقتصاديًا يتحمل 67 مليار دولار من الديون الخارجية، في وقت يعيش فيه الشعب على وقع الانهيار المصرفي وغياب الدولة.
أردف أن الأردن سجل ديونًا خارجية بلغت 44.63 مليار دولار، في حين وصلت ديون تونس إلى 41.3 مليار دولار، وسط ارتفاع جنوني في نسب الدين إلى الناتج المحلي تجاوزت 87.9%، ما يكشف مدى انكشاف الاقتصاد التونسي وعجزه عن التوازن المالي.
أشار إلى أن العراق ورغم ما يملكه من موارد نفطية، يرزح تحت دين خارجي مقداره 20.33 مليار دولار، بينما السودان الغارق في أزماته السياسية بلغ دينه الخارجي 62.4 مليار دولار في 2021، وقد تجاوز الرقم لاحقًا، لكنه لا يجد حتى الآن منظومة مالية قادرة على إعادة هيكلة هذه الديون.
أوضح أن الجزائر رغم أنها أقل مديونية في المنطقة، فإنها سجلت دينًا خارجيًا قدره 7.3 مليار دولار عام 2023، وبلغت نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي 3%، وهو من أقل المعدلات، لكن ذلك لا يعكس نجاحًا ماليًا بقدر ما يعكس انغلاقًا اقتصاديًا وتحجيمًا للانفتاح الدولي.
لفت إلى أن نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي بلغت مستويات كارثية في بعض الدول، فقد سجلت تونس 87.9%، والأردن 85.5%، بينما السودان تجاوز 270% وفق أحدث تقديرات غير رسمية، وهي نسب تعني أن دولًا بأكملها تدار عبر قروض لا تملك حتى القدرة على سداد فوائدها.
استرسل بأن خدمة الدين الخارجي وحدها تبتلع أكثر من 18.87 مليار دولار سنويًا في الفوائد فقط، منها 11.22 مليار دولار فوائد على الدين طويل الأجل و5.23 مليار دولار فوائد على الدين قصير الأجل، وكلها تُدفع من ميزانيات شعوب مرهقة لا تستفيد من أي نمو اقتصادي فعلي.
نوه إلى أن الاحتياطيات الأجنبية لدى دول المنطقة لم تعد كافية لتغطية هذه الديون، فقد تراجعت نسبة الاحتياطي إلى الدين من 157.3% إلى 70.9% فقط، ما يعني أن أي أزمة سيولة أو صدمة مالية عالمية ستؤدي فورًا إلى الإفلاس أو الانكماش القسري.
أعلن التقرير أن هذا السلوك المالي القاتل بات نمطًا مزمنًا، حيث تستدين الحكومات لا لتمويل التنمية أو الإنتاج، بل لسداد الفوائد السابقة، وهو ما يؤدي إلى خلق دوامة لا نهاية لها من الفقر، التضخم، وسحق الطبقات الوسطى، في ظل غياب كامل للمساءلة أو المراجعة.
أكد أن المنظومة الاقتصادية في المنطقة لم تتعلم من الكوارث السابقة، فكل موجة قروض جديدة تُبرَّر بالإصلاح، لكنها تنتهي إلى نفس المصير: فوائد متراكمة، ديون غير قابلة للسداد، وشعوب مسحوقة تحت عجلة سداد لا ترحم.
بهذا المشهد الكارثي، لم تعد أزمة الدين الخارجي مجرد مسألة مالية، بل تحولت إلى فضيحة مستمرة تهدد وجود الدول نفسها، فيما يقف المواطن في المنتصف، يدفع الثمن من جيبه وحياته ومستقبل أبنائه.