ميليشيات مسلحة تُحكِم خناقها على هايتي وتُسقط العاصمة في الفوضى

أعلن تقرير صادر عن المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة أن أعمال العنف الدموي التي اجتاحت هايتي منذ أكتوبر 2024 وحتى يونيو 2025 أسفرت عن مقتل نحو 4,864 شخصًا، معظمهم في محيط العاصمة بورت أو برنس، مشيرًا إلى أن البلاد تشهد واحدة من أسوأ موجات الانفلات الأمني في تاريخها الحديث.
أوضح التقرير أن ما يقارب 1.3 مليون شخص اضطروا للنزوح داخليًا بسبب اشتداد النزاع المسلح، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 24% مقارنة بشهر ديسمبر، ما يؤكد التدهور المتسارع في الوضع الإنساني الذي بات خارج نطاق السيطرة.
أكدت مصادر أممية أن الجماعات المسلحة تمكّنت من فرض سيطرة شبه تامة على العاصمة، حيث أصبحت المرافق العامة والخدمات الأساسية في حالة شلل تام، لافتة إلى أن نسبة تشغيل المراكز الصحية في بورت أو برنس لا تتجاوز 25% فقط، في ظل تصاعد الهجمات وإغلاق العديد من المستشفيات، وعلى رأسها مستشفى “ميريبيليه” الذي اضطر للتوقف عن العمل تحت التهديد المسلح.
حذرت الأمم المتحدة من أن الأزمة الإنسانية في هايتي على وشك التحول إلى كارثة إقليمية إذا لم يتم التدخل بشكل عاجل وفعّال، مؤكدة أن غياب مؤسسات الدولة وغياب قدرة الحكومة على فرض النظام يعيقان وصول المساعدات ويضاعفان المعاناة اليومية للمواطنين.
نوهت المنظمة بأن انتشار الفوضى الأمنية لا يهدد فقط سكان هايتي بل يشكل أيضًا خطرًا على استقرار دول الجوار، في وقت تتصاعد فيه الاحتجاجات الشعبية ضد تدهور الوضع الأمني، حيث شهدت العاصمة مظاهرات غاضبة، رفع خلالها المحتجون لافتات باللغة الكريولية تطالب باستخدام الطائرات بدون طيار لحماية الشعب لا لقمعه، في إشارة إلى إحساس الشارع بالعجز الكامل أمام تغول الميليشيات.
أشارت الأمم المتحدة إلى أنها تركز الآن جهودها على شن دعم عسكري وإنساني مشترك لاستعادة السيطرة، إلا أنها اعترفت بأن التقدم في هذا المسار لا يزال محدودًا، ما يفتح الباب أمام مزيد من الانهيار الاجتماعي والصحي والسياسي، في بلد بات رهينة للميليشيات المسلحة وأصبح سكانه فريسة للخوف والمجهول.