ملفات وتقارير

أزمة اللجوء تتفجر: اليونان تُوقف استقبال اللاجئين من ليبيا ثلاثة أشهر

أعلن البرلمان اليوناني، يوم الجمعة، موافقته على قرارٍ مثير للجدل يقضي بتعليق طلبات اللجوء المقدّمة من اللاجئين القادمين بحرًا من شمال أفريقيا، وعلى رأسهم القادمون من ليبيا، وذلك لمدة ثلاثة أشهر كاملة، في خطوة تهدف إلى مواجهة الزيادة الكبيرة في أعداد المهاجرين الذين وصلوا مؤخرًا إلى جزيرة كريت، الواقعة جنوب بحر إيجه.

أوضح التصويت البرلماني أن القرار قد تم تمريره بموافقة 177 نائبًا ومعارضة 74 آخرين، وهو ما يعكس انقسامًا حادًا في المشهد السياسي اليوناني، حيث اعتبرت أحزاب المعارضة والمنظمات الحقوقية أن هذا الإجراء غير قانوني وغير إنساني، ويحمل انتهاكًا صارخًا للاتفاقيات الدولية التي تضمن حق اللجوء للفارين من النزاعات والمآسي الإنسانية.

أشار المراقبون إلى أن هذا التعليق يأتي تزامنًا مع محادثات أجرتها السلطات اليونانية مع الحكومة المتمركزة في بنغازي بليبيا، بهدف كبح موجات الهجرة البحرية التي باتت تضغط بشكل غير مسبوق على سواحل البلاد الجنوبية. كما أعلنت الحكومة اليونانية عزمها تكثيف الدوريات البحرية على طول حدودها المائية، بالتوازي مع خطط لبناء مخيم جديد لاستقبال المهاجرين على جزيرة كريت، التي أصبحت في الأسابيع الأخيرة بؤرة ملتهبة لأزمة الهجرة.

نوهت مصادر محلية إلى أن المهاجرين الجدد الذين وصلوا إلى بلدة أغيا بجزيرة كريت يوم 10 يوليو 2025، تم إيواؤهم داخل قاعة بلدية كمأوى مؤقت، في مشهد يُلخّص حجم الضغوط المتفاقمة التي تواجهها الحكومة اليونانية وسط أوضاع معيشية متدهورة وظروف إيواء محدودة.

استنكر الحقوقيون القرار بشدة، مؤكدين أن تعليق طلبات اللجوء لا يحل الأزمة بل يفاقمها، ويزيد من معاناة الآلاف من الفارين من جحيم الحروب والمجاعات والانهيارات السياسية في دول شمال أفريقيا، وفي مقدمتها ليبيا التي لا تزال ساحة للصراعات والانقسامات.

زعم مسؤولون حكوميون أن القرار مؤقت ويأتي في إطار خطة استراتيجية لحماية الأمن القومي، إلا أن منتقدين يرون أنه محاولة مكشوفة لتسويق حلول أمنية لأزمة إنسانية بالغة التعقيد، ما يهدد بتقويض مبادئ حقوق الإنسان التي لطالما تغنت بها الحكومات الأوروبية.

أعلنت السلطات أيضًا أنها بصدد مراجعة الإجراءات الحدودية عبر البحر، وربما فرض المزيد من القيود في حال استمرار التدفق، ما يفتح الباب أمام مزيد من التوترات السياسية داخليًا، واتهامات دولية بانتهاك القانون الدولي.

لفت مراقبون إلى أن اليونان أصبحت تمثل نقطة الدخول الأولى إلى أوروبا بالنسبة لآلاف المهاجرين، وأن الضغط الجغرافي والبشري على جزرها بات يتجاوز القدرة على الاستيعاب، إلا أن الخطوات المتخذة حتى الآن لم ترقَ لمستوى حل شامل ومتوازن للأزمة المتصاعدة.

استدرك بعض المحللين أن إلقاء اللوم على المهاجرين أو قطع الطريق عليهم دون توفير بدائل قانونية وإنسانية سيؤدي لا محالة إلى تعقيد الوضع أكثر، وسيدفع الكثيرين إلى سلوك طرق أكثر خطورة وتهورًا للوصول إلى الشواطئ الأوروبية بأي ثمن.

أكد معارضون أن التصويت على هذا القرار يمثل لحظة حرجة في تاريخ سياسة الهجرة اليونانية، حيث يتحدى المبادئ الدستورية ويثير أسئلة أخلاقية وقانونية حول مصير الفارين من ويلات الحروب.

أردف ناشطون حقوقيون أن الأزمة تكشف هشاشة البنية المؤسسية للتعامل مع موجات اللجوء، وأن الحل لا يكون بإغلاق الأبواب، بل بإعادة النظر في أسباب النزوح والتعاون الإقليمي والدولي بشكل حقيقي لإنهاء المعاناة.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى