العالم العربي

السعوديون يرفضون التطبيع ومحمد بن سلمان يراوغ تحت أنقاض غزة

أظهر استطلاع رأي عالمي نُشرت نتائجه مؤخرًا أن 96% من المواطنين في المملكة العربية السعودية يعارضون التطبيع مع الكيان الإسرائيلي، رفضًا قاطعًا لا لبس فيه، والسبب المباشر هو غياب الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية حسبما نشرته مجلة التايم الأمريكية.

هذا الرقم الكاسح لا يترك أي مجال للتأويل، ولا يحمل أي رسالة مزدوجة: الشعب قال كلمته النهائية، بينما تُدار خلف الكواليس صفقات مشبوهة تُجهّز لتُمرَّر بصمت وتُفرض بالقوة على إرادة الجماهير.

أكد الاستطلاع أن الرفض الشعبي الجارف للتطبيع يتزامن مع لحظة سياسية مشتعلة، حيث تتصاعد النيران في غزة، وتتساقط أرواح الأبرياء، بينما يسعى ولي العهد محمد بن سلمان إلى تقديم أوراق اعتماد جديدة للعالم الغربي، مدفوعة بإغراءات مالية ومشاريع عملاقة، على أمل جذب استثمارات تغسل الواجهة، وتطمس معالم الجرائم التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين.

أوضح المتابعون أن هذا التناقض الفج بين ما يريده السعوديون فعلًا وما تُخطط له القيادة السياسية يعكس انقطاعًا صارخًا بين الشارع والحاكم، وكأن أصوات الغضب الشعبي لا تُسمع، أو يُراد لها أن تُدفن تحت طبقات من التجميل الإعلامي والتطبيل الاقتصادي، وسط تجاهل كامل لدماء تنزف في غزة، وأشلاء أطفال تُسحق تحت القصف، في مشهد لا يحتمل التبرير ولا يصلح معه الصمت.

أشار مراقبون مطلعون إلى أن محمد بن سلمان يواجه مأزقًا متعدد الأوجه: داخليًا، يقف أمام رفض شعبي كاسح يهدد شرعية أي تقارب محتمل مع إسرائيل، وخارجيًا، يتعرض لضغوط شديدة من حلفاء يسعون بكل السبل لفرض التطبيع كأمر واقع. وسط هذا كله، يحاول الأمير اللعب على الحبال، متجنبًا الإعلان الصريح، لكنه لا يُخفي الانفتاح المتزايد الذي تسلكه حكومته تجاه دوائر الاحتلال.

زعم بعض المحللين أن هذا السلوك السياسي المخادع لم يعد ينطلي على الشارع، خصوصًا مع استمرار العدوان الوحشي على غزة، حيث تُستهدف المستشفيات والمدارس، ويُدفن الناس أحياء تحت الركام، بينما تُعقد الاجتماعات وتُنسج الصفقات بعيدًا عن الكاميرات.

استدرك محللون بأن هذا الانفصال الكامل عن نبض الجماهير لن يمر دون تكلفة، فمحاولة مقايضة القيم الوطنية والإنسانية بمكاسب اقتصادية لا يُمكن تسويقها مهما كان الغلاف الذي تُقدّم فيه، لأن الرأي العام اليوم أكثر وعيًا، وأكثر رفضًا، وأقل قابلية للخداع.

لفتت تحليلات دولية إلى أن الرقم الصادم، 96%، لم يأتِ من فراغ، بل هو انعكاس لحقيقة راسخة في ضمير الشعب السعودي، مفادها أن فلسطين ليست ورقة مساومة، وأن القدس ليست بندًا في جدول مفاوضات اقتصادية، بل قضية وجود لا تحتمل البيع أو التفاوض.

أعلن السعوديون موقفهم الصريح، لا من خلال الشعارات ولا باللافتات، بل بصوت مدوٍّ جاء من أعماق الموقف الشعبي الغاضب: لا تطبيع مع قاتل، لا سلام مع محتل، لا مصالح على حساب الدم الفلسطيني. والمفارقة أن هذا الصوت يعلو يومًا بعد يوم، بينما تُدبّر الصفقات في الخفاء، ويتظاهر الأمير بأن شيئًا لم يحدث.

استرسل البعض بالتحذير من أن التمادي في هذا النهج قد يؤدي إلى شرخ عميق في بنية المجتمع السياسي، حيث يتحول الغضب المكتوم إلى رفض علني، ويتبدد الاستثمار المنشود أمام صورة مشوهة لحاكم يحاول كسب الأسواق بينما يخسر شعبه.

بهذه المعطيات، لا تبدو السعودية على أعتاب سلام، بل على شفا أزمة حقيقية، يُخشى أن تنفجر عندما يتبيّن أن كل ما جرى كان مجرّد التفاف على قضية مقدسة، وسعي محموم نحو رضا دولي لا يُشترى إلا بالتنازلات.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى