حبس صاحب مول شهير بعد ضبطه بثلاثة ملايين جنيه في المطار

فجّرت أجهزة الأمن بمطار القاهرة الدولي واقعة مدوية بعدما ضبطت رجل أعمال معروفًا يملك أحد المولات التجارية الكبرى، أثناء محاولته التسلل بثلاثة ملايين جنيه مصري داخل أمتعته، في مشهد كشف عن استهانة كاملة بالقانون ومغامرة مشبوهة لعبور هذا المبلغ الضخم خارج البلاد.
اتّخذت النيابة العامة فورًا قرارًا بحبس المتهم أربعة أيام على ذمة التحقيق، بعد أن تبيّن أن المبلغ المالي كان موزعًا بعناية داخل جيوب سرية وحقائب مصمّمة خصيصًا للتمويه، وكأنها مجهزة لعمليات تهريب محترفة وليست مجرد وسيلة نقل شخصية، ما يشير إلى تخطيط مسبق ونيّة صريحة للالتفاف على القوانين النقدية السارية.
لم تكن الواقعة فردية أو عابرة، إذ تزامن معها ضبط شخصين آخرين بنفس الرحلة تقريبًا، وكل منهما يحمل مبالغ مالية كبيرة تم إخفاؤها بنفس الأسلوب المراوغ، في محاولة متزامنة تُثير شكوكًا قوية حول وجود شبكة تهريب منظم تعمل عبر مطار القاهرة لنقل الأموال خارج البلاد بشكل سري.
لم يتم العثور على أي مستند رسمي يُبرر نقل تلك الأموال، كما لم يقدّم أي من المتهمين الثلاثة تصريحًا من البنك المركزي المصري يُجيز لهم الخروج بهذه المبالغ، وهو ما يُعد مخالفة صريحة لأحكام قانون البنك المركزي والجهاز المصرفي رقم 194 لسنة 2020، والذي يفرض قيودًا واضحة على نقل النقد الأجنبي أو المحلي عبر المنافذ دون الإفصاح أو التصريح.
كشفت التحقيقات أن المتهم الرئيسي، صاحب المول الشهير، كان في طريقه إلى الإمارات حين تم إيقافه، ومعه مبلغ الثلاثة ملايين جنيه داخل حقائبه. وبفحص محتوى الهاتف الخاص به ظهرت دلائل إضافية عن نوايا التعامل في الخارج، ما دفع جهات الفحص المالي إلى التوسع في تتبع علاقاته وتحركاته السابقة وبيان أصول تلك الأموال.
تراكمت مؤشرات الجريمة لحظة بلحظة، بدءًا من الأسلوب الاحترافي في التمويه، مرورًا بتوقيت السفر، ووصولاً إلى تطابق حالات الضبط الثلاثة، ما وضع الجميع في دائرة الاشتباه الجاد، وفتح بابًا واسعًا لتحقيقات أوسع حول احتمالية وجود شبكة متخصصة في التهريب تعمل من خلف ستار الأعمال التجارية المعلنة.
المشهد الذي بدأ بمجرّد تفتيش روتيني سرعان ما تحوّل إلى سلسلة من المفاجآت، وسط صدمة من حجم المبلغ وسهولة محاولة تمريره، وكأن المنافذ خالية من الرقابة، لولا يقظة الأجهزة الأمنية التي كشفت العملية في اللحظات الأخيرة.
تتابع النيابة الآن فحص تفاصيل الواقعة من كافة جوانبها، مع حصر العلاقات المالية للمتهمين الثلاثة، وتجميد أي أصول مالية مشتبه بها تمهيدًا لمصادرتها حال ثبوت الجريمة، خصوصًا أن المبالغ المضبوطة لم تُدرج في أي مستند سفر أو بيان جمركي، ما يعني أنها محاولة صريحة لخنق الاقتصاد الرسمي وتغذية دوائر التعامل غير المشروع.
وبينما يستمر حبس المتهمين، تتوسع التحقيقات لتشمل وقائع سفر سابقة، وربما شخصيات أخرى قد تكون ضالعة أو متواطئة في هذا النشاط الممنهج، الذي لم يكن ليحدث إلا بثقة مفرطة في الإفلات من المحاسبة، ثقة لم تدم طويلًا أمام العدسة الأمنية الدقيقة والقانون الذي لم يغفل عن ضبط العملية قبل الإقلاع بلحظات.