وزير الأوقاف يُستقبل بتقبيل اليد داخل جامعة أثناء مناقشة ماجستير

شهدت جامعة الأزهر فرع المنوفية واقعة غير مألوفة أثارت صدمة واسعة، بعدما أُظهر مقطع مصوَّر مجموعة من الحضور وهم يتزاحمون على تقبيل يد وزير الأوقاف الدكتور أسامة الأزهري، أثناء زيارته لحضور مناقشة رسالة ماجستير لأحد الباحثين في كلية أصول الدين والدعوة.
بدا المشهد أقرب إلى استعراض ولاء جماعي، بعيدًا كل البعد عن أي سياق أكاديمي محترم، ليحوِّل المناسبة العلمية إلى ساحة خضوع علني تخلو من الكرامة والوقار.
تقدم الوزير في الصف الأول من القاعة وسط ترحيب فاتر ممزوج بهوس محرج، وسرعان ما تحوّلت اللحظة إلى مشهد استعراضي، حين اندفع عدد من الحضور لتقبيل يده بطريقة بدت وكأنها طقس مفروض لا خيار فيه.
لم يكن الأمر مجرد تصرف فردي عابر، بل بدا وكأنه إجراء متكرر ومقصود، أُريد له أن يُرى، ويُسجَّل، ويُتداول، وهو ما حدث فعلًا، حيث انتشر المقطع بشكل كبير على منصات التواصل خلال ساعات، مثيرًا موجة انتقادات وسخرية عارمة.
جاءت الواقعة خلال جلسة علمية يفترض أن تحتكم للبحث والنقاش، لكنها تحولت فجأة إلى عرض ولاء فادح، عكّر صفو الجو الأكاديمي وألقى بظلال ثقيلة على نزاهة المؤسسات التعليمية والدينية.
ظهر الوزير محاطًا بأربعة من أعضاء هيئة التدريس الذين تنافسوا على نيل فرصة تقبيل يده، في مشهد أشبه بطقوس البلاط لا بمراسم مناقشة علمية يفترض أنها تستند إلى العقل والمعرفة.
في هذا الجو المربك، تسلّم الوزير مجموعة من الكتب “كإهداءات”، في حركة بدت وكأنها محاولة لتزيين المشهد المحرج بإطار ثقافي.
لكنه لم يفلح في طمس الصورة الأوضح: جامعات تُفتح أبوابها للتملّق، وتُغلقها في وجه الكرامة؛ الرسالة التي ناقشها الباحث كانت تدور حول “فقه الدعوة من الأدعية النبوية في كتب الموطأ والمسند والدارمي”، لكن العبرة لم تكن في مضمونها، بل في ما جرى حولها من طقوس خضوع، لا تمت إلى الدين ولا للعلم بأي صلة.
اعتُبر المشهد لدى كثيرين امتدادًا لمسار متصاعد من التداخل المفرط بين الديني والسياسي، حيث تُستغل المناسبات الأكاديمية لعرض الولاء، لا للتقييم العلمي.
كثير من المراقبين أشاروا إلى خطورة أن تصبح قاعات المناقشة منابر لمدّ النفوذ وتثبيت الهيبة الشكلية لشخصيات رسمية، بدلًا من أن تكون منصات لعرض المعرفة ونقدها بحرية.
رأى البعض أن هذا النوع من السلوكيات يرسل رسائل بالغة السوء للطلاب، مفادها أن الصعود في المجال الديني أو الأكاديمي لا يرتبط بالكفاءة أو الاجتهاد، بل بالتماهي مع السلطة والإذعان الكامل لها؛ وهو مناخ يعزز الخضوع أكثر من الاجتهاد، والتقليد أكثر من الإبداع، والتزلف أكثر من الاستقلال.
تقبيل يد الوزير في هذا السياق لا يُمكن عزله عن معانيه الرمزية: يدٌ تُقبل في الجامعة ليست تعبيرًا عن احترام، بل رسالة عن من يملك السلطة، ومن يجب أن ينحني لها.
هي لحظة كاشفة لما آل إليه المشهد الديني والأكاديمي حين يفقد استقلاله، ويتحوّل إلى مرآة تعكس التراتب والهيمنة بدلًا من أن تنتج المعرفة والنقد.
مشهد بهذا الشكل لم يكن مجرد لحظة عاطفية أو حركة عفوية، بل هو انعكاس صارخ لتحول جامعات يفترض بها أن تُخرّج الأحرار، إلى منصات يتسابق فيها الأكاديميون والطلاب إلى إبداء الطاعة بأفعال تخدش الكرامة وتسحق الروح العلمية.