قرارات النيابة تكشف الإهمال الفادح بشاطئ الساحل الشمالي وتغلق الموقع فورًا

أعلنت النيابة العامة، في بيان تحقيق صادم، مباشرتها للتحقيقات العاجلة بشأن واقعة غرق الطالبين يوسف نبيه ومحمد المرسي، البالغين من العمر 18 عامًا، بعد أن لفظ البحر أحدهما ولا يزال الثاني مفقودًا حتى لحظة كتابة هذا التقرير.
وقعت الكارثة داخل شاطئ خاص بإحدى القرى السياحية الشهيرة في الساحل الشمالي، وذلك في الساعات الأولى من صباح الجمعة 11 يوليو 2025، خلال احتفال الضحيتين بانتهاء امتحانات الثانوية الأزهرية.
النيابة أصدرت فورًا قرارًا بانتداب الطب الشرعي لتشريح الجثمان المنتشل وبيان سبب الوفاة بدقة، مع التصريح بدفن الجثمان بعد التحقق من عدم وجود شبهة جنائية.
أمرت النيابة العامة كذلك بفتح تحقيق فوري مع مسؤولي القرية السياحية، وذلك بعد أن تبين لها غياب شبه كامل لأي إجراءات سلامة أو رقابة على الشاطئ وقت الحادث.
النيابة اعتبرت ذلك “إهمالًا جسيمًا يعاقب عليه القانون”، خاصة أن الشاطئ لم يكن مجهزًا بطاقم إنقاذ بحري دائم، رغم استقبال أفواج من طلاب المدارس للاحتفال بنهاية موسم الامتحانات.
وتم كذلك تكليف جهات التحقيق الميدانية باستجواب العاملين في الموقع، ومراجعة تراخيص الشاطئ وشروط الترخيص، التي يبدو أنها لم تُحترم مطلقًا.
أوضحت التحقيقات أن الطالبين كانا قادمين من قرية برما التابعة لمركز طنطا بمحافظة الغربية، حيث يدرسان بمعهد محمد رجب الإعدادي الثانوي الأزهري، وأن رحلتهما للساحل كانت بهدف قضاء ليلة احتفالية عقب انتهاء آخر يوم في الامتحانات.
مساء الخميس، استقلا سيارة مع أصدقاء لهم وتوجهوا إلى إحدى القرى السياحية غير المعلَن عنها رسميًا، وقرروا السباحة ليلًا دون وجود أي وسيلة إنقاذ قريبة، الأمر الذي أدى إلى غرقهما فورًا وسط غياب تام لأفراد الحماية.
استدركت النيابة بأن تقرير الإسعاف المبدئي كشف أن عمليات الإنقاذ بدأت بعد مرور وقت طويل على الغرق، وأن بلاغ النجدة لم يُتلقَّ إلا بعد قرابة ساعة من الحادث، وهو ما اعتبرته تقصيرًا مزدوجًا يستدعي التحقيق مع فرق الأمن الداخلي والإدارة المسؤولة عن الشاطئ.
كما كشفت النيابة أن بعض الشهود أكدوا أن مياه البحر كانت مضطربة في تلك الليلة، وأن تعليمات السلامة كانت غير موجودة، لا على لافتات تحذيرية ولا على مداخل الشاطئ.
أشارت النيابة في مذكرتها إلى أنها بصدد إصدار أمر فوري بإغلاق الشاطئ محل الواقعة لحين الانتهاء من كافة التحقيقات، وإحالة ملف التقصير الإداري والإهمال الجنائي إلى النيابة الكلية المختصة لمباشرة المساءلات القضائية تجاه إدارة القرية. كما نوهت إلى ضرورة تشديد الرقابة على الشواطئ السياحية في موسم الصيف، خصوصًا تلك التي تستقبل زوارًا من فئات عمرية شابة، مؤكدًة أن الحادث “لن يمر مرور الكرام”.
زادت النيابة من لهجتها الصارمة، حيث ألزمت إدارة الشاطئ بتوفير فريق إنقاذ بحري يعمل على مدار الساعة، وتثبيت لافتات تحذيرية واضحة، وإبلاغ وزارة السياحة لمراجعة معايير الأمان داخل جميع المنتجعات الساحلية.
وأكدت أنها لن تتوانى عن اتخاذ أقصى الإجراءات القانونية ضد أي طرف يثبت تورطه في هذا الإهمال الفادح، الذي حوّل ليلة فرح بريئة إلى مأساة موجعة، راح ضحيتها طالبان في مقتبل العمر.
بهذه القرارات الحاسمة، وجهت النيابة العامة رسالة لا تحتمل التأويل، مفادها أن أرواح شبابنا ليست مادة للاستهتار، وأن كل من يستهين بحياة الأبرياء، تحت ستار الترفيه أو الربح السياحي، سيدفع الثمن قانونيًا، دون مجاملة أو تهاون.