قرارات النيابة تكشف كارثة كهربائية مدوية في الشرقية والجيزة

أمرت النيابة العامة بمحافظة الشرقية بفتح تحقيق عاجل وفوري في واقعة الانفجار المرعب الذي هز إحدى القرى صباح السبت، نتيجة تفجير مفاجئ لخط كهرباء رئيسي، مما أحدث حالة من الرعب بين الأهالي الذين فرّوا من منازلهم في لحظة هلع جماعي.
قررت النيابة ندب لجنة فنية متخصصة من وزارة الكهرباء والأدلة الجنائية لمعاينة مكان الحادث على وجه السرعة، مع إعداد تقرير شامل عن حالة البنية التحتية الكهربائية، وحصر جميع الأعمدة والمحولّات التي لم تخضع للصيانة الدورية خلال السنوات الثلاث الماضية، بعدما تبيّن من المعاينات الأولية وجود تهالك شديد في الكابل المنفجر، وسط غياب تام لأي تدخل وقائي مسبق.
أوضحت النيابة في قرارها أن التحقيق سيشمل جميع مسؤولي الكهرباء في المنطقة بدءًا من مهندسي التشغيل إلى مشرفي الصيانة، مع استدعاء كل من وقع توقيعه أو موافقته على تقرير صلاحية هذا الخط الكهربائي، تمهيدًا لمحاسبة المتسببين في الإهمال الجسيم الذي كاد أن يُودي بأرواح عشرات الأبرياء.
شدّدت النيابة على سرعة تسليم تقارير المعاينة الفنية، واستدعاء شهود الواقعة، وطلبت تسجيلات كاميرات المراقبة المحيطة بموقع الانفجار لتحديد لحظة الاشتعال بدقة، ومراجعة حالة جميع الخطوط المرتبطة بنفس الشبكة.
في سياق متزامن، أمرت نيابة أكتوبر بفتح تحقيق موازٍ في حريق اشتعل مساء الجمعة داخل غرفة كهرباء مهجورة أعلى طريق الواحات، بعد أن تلقت بلاغًا من غرفة عمليات النجدة يفيد بانفجار مفاجئ في غرفة يُفترض أنها خارج الخدمة، لكن تصاعد الدخان الكثيف من داخلها شكّل صدمة للجهات المعنية والمواطنين على السواء.
قررت النيابة على الفور انتداب المعمل الجنائي لرفع الأدلة وآثار الحريق، والتأكد من وجود تيار كهربائي نشط داخل غرفة قيل إنها “معطّلة”، وسط مؤشرات أولية على وجود توصيلات غير شرعية أو عشوائية أعادت تنشيطها دون علم الجهات المختصة.
أمرت النيابة أيضًا بفحص سجل الصيانة الخاص بالغرفة، ومراجعة كافة الإجراءات التي اتُّخذت منذ إغلاقها المفترض، وطالبت إدارة الكهرباء بتقديم مستندات رسمية تُثبت حالة الغرفة التشغيلية، وسجل انقطاع التيار عنها إن وُجد.
شددت كذلك على ضرورة مساءلة كل مسؤول فني وإداري في قطاع كهرباء الجيزة عن أي تقصير في تأمين هذه المنشآت، خصوصًا تلك التي تُترك بلا رقابة فنية أو متابعات دورية.
أشارت التحقيقات الأولية إلى أن الحريق قد يكون ناتجًا عن ماس كهربائي في إحدى التوصيلات الداخلية التي لم تُفصل بالكامل عن مصدر التيار، وهو ما يمثل جريمة إهمال جسيم وفقًا لنص المادة 116 مكرر من قانون العقوبات، والتي تنص على المعاقبة بالسجن لكل موظف تسبب عن طريق الإهمال في إلحاق ضرر جسيم بمصالح المواطنين أو السلامة العامة.
أكدت النيابة أنها لن تتهاون في استكمال التحقيقات حتى يتم تحديد المسؤوليات بدقة، وتم التنبيه على الجهات الأمنية بعدم إغلاق ملف الواقعتين حتى صدور تقارير المعاينة النهائية.
ورغم السيطرة على الحريق في الجيزة، والانفجار في الشرقية دون وقوع إصابات بشرية، فإن حجم الكارثة يكمن في تكرارها بهذا الشكل المتتابع، وهو ما وصفته مصادر قانونية بأنه “تقصير إداري مريع يرقى لحد الفضيحة المؤسسية”.
تتساءل الأوساط الشعبية الغاضبة عن سبب استمرار تلك البؤر المشتعلة وسط الأحياء دون رقابة، في وقت يُنفق فيه الملايين على تطوير الشبكات دون أن يشعر المواطن بأي فارق، بينما يبقى الخطر قائمًا، ينتظر لحظة الانفجار التالية.
وعلى الرغم من مباشرة النيابة للتحقيقات، فإن الرأي العام يترقب تحركات أكثر جدية لمحاسبة كل من فرّط وتسبّب في هذا الانفلات القاتل تحت غطاء الصمت والمماطلة.