احتجاجات غاضبة بدوعن اليمينية بعد مقاضاة فرقة مسرحية بتهمة “الإساءة”

أشعل أهالي دوعن شرارة الغضب في وجه سلطة فقدت شرعيتها، بعد أن قررت ملاحقة فرقة مسرحية بتهمة “الإساءة”، فقط لأنها قالت الحقيقة.
وخرج عشرات المواطنين من سكان المديرية الواقعة بمحافظة حضرموت في احتجاجات حاشدة اليوم، تعبيرًا عن رفضهم القاطع لتحرك المدير العام سالم أحمد بانخر ضد فرقة “البندر” عقب عرض مسرحي سلّط الضوء على الكوارث المعيشية التي يرزحون تحتها.
كشف المحتجون أن العرض لم يكن سوى مرآة لواقعٍ مخزٍ، تعيشه المديرية يومًا بعد يوم، من انقطاع التيار الكهربائي لأيام متواصلة، إلى شحّ المياه، وانهيار تام في البنية التحتية، وسط صمت وتجاهل تام من المسؤولين.
وسخرت الفرقة في عرضها، بشكل صادم وذكي، من عجز السلطة المحلية عن تقديم أي حل ملموس، ولم تتردد في توجيه أصابع الاتهام لبانخر نفسه، داعيةً إلى رحيله بعد أن أثبت فشله الذريع.
ردّ المدير العام لم يتأخر، إذ لجأ إلى القضاء بدلًا من مواجهة الواقع، واختار أن يجرّ أعضاء الفرقة إلى المحاكم بتهم “تشويه السمعة”، وكأن فضح الحقيقة أصبح جريمة في عرفه.
هذه الخطوة التي وُصفت شعبيًا بأنها سلوك قمعي بائس، فجرت موجة غضب عارمة، واعتُبرت إعلان حرب على حرية التعبير، وعلى أصوات المواطنين المطحونين.
أكد المحتجون خلال تحركاتهم أن العرض لم يختلق شيئًا، بل عبّر بلسانهم عمّا يكابدونه يوميًا من حرمان وفساد وانهيار خدمات.
وأعربوا عن استيائهم من الطريقة الممنهجة التي يتبعها المدير العام في كمّ الأفواه، مشيرين إلى تاريخه في ملاحقة كل من يتجرأ على نقد الأداء الحكومي الكارثي.
هاجمت الاحتجاجات السلطة المحلية بشراسة، واعتبرت أن كل من يحاول خنق الإبداع النقدي، إنما يسعى لدفن الحقائق تحت ركام الفشل والعجز.
وطالب المتظاهرون بإسقاط الممارسات التعسفية بحق الفنانين والمثقفين، واعتبروا أن استمرار هذه السياسات لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانفجار الشعبي.
برز اسم فرقة “البندر” بقوة في هذا المشهد، بوصفها صوت الناس ومرآة واقعهم، وهي فرقة مسرحية لها باع طويل في تقديم عروض جريئة تنتقد الفساد والفساد الإداري بسخرية لاذعة ولغة مفهومة للشارع. وقد لاقت أعمالها دعمًا واسعًا بين المواطنين، لأنها لا تجامل أحدًا، ولا تخشى قول الحقيقة، مهما كان الثمن.
توقعت أوساط مطلعة أن تتصاعد التوترات إذا ما استمرت السلطة المحلية في تجاهل الأصوات الغاضبة، وسط دعوات متزايدة لفتح حوار شفاف مع الأهالي، بدلًا من الهروب للقانون كسلاح قمعي.
وتعيش مديرية دوعن الآن على صفيح ساخن، في وقتٍ تبدو فيه السلطة عاجزة عن التهدئة أو تقديم أبسط الحلول، لتبقى الأزمة مفتوحة على كل الاحتمالات.
تُختزل القصة في مشهد ساخرٍ ومؤلمٍ معًا: فنانون يُجرّون إلى المحاكم لأنهم تجرأوا على نقد واقعٍ لا يُطاق، ومواطنون يُتركون فريسة الفقر والتجاهل، فيما ترفع السلطة شعار “اسكت وإلا سنقاضيك”.