حقوق وحريات

تعذيب معتقل أردني سلمي حتى فقدان عينه وحرمانه من العدالة

اتهمت عائلة المعتقل الأردني حمزة بني عيسى الأجهزة الأمنية بإخضاعه لتعذيب وحشي داخل مركز توقيف أمن إربد الشرقي، ما أدى إلى فقدانه البصر بشكل دائم في عينه اليسرى، وذلك على خلفية مشاركته في نشاط سلمي تضامني مع غزة، دون أن يشكل أي تهديد أو مخالفة تستدعي مثل هذا التنكيل.

روت والدته تفاصيل مروعة لما تعرض له نجلها، مؤكدة أن حمزة اعتُقل على يد عناصر من الأمن الوقائي بعد مداهمة منزله في العشر الأواخر من شهر رمضان، بتاريخ 24 مارس 2025، حيث تم تفتيش المنزل ومصادرة جميع الأجهزة الإلكترونية الخاصة به وبزوجته، قبل اقتياده إلى مركز أمن إربد الشرقي دون أي أمر قضائي معلن أو توجيه تهمة واضحة.

أوضحت الأسرة أن الجريمة لم تتوقف عند حد الاعتقال التعسفي، بل تفاقمت إلى مستوى الإيذاء الجسدي المتعمد، حين أجبر عناصر الأمن حمزة على خلع ملابسه لتفتيش مهين ومجرد من أي احترام للخصوصية أو الكرامة، وعندما رفض ذلك وطالب بإجراء التفتيش في مكان مستور، انهال عليه عدد من العناصر بالضرب الوحشي، رغم تقييد يديه. الضرب المبرح أسفر عن انفجار مقلة عينه اليسرى، وانفصال شبكيتها بالكامل، وفقدان النظر فيها نهائيًا.

أكدت والدته أن نجلها أصبح ضريرًا في عينه اليسرى نتيجة هذا الاعتداء، مشيرة إلى أن عناصر الأمن حاولوا طمس الجريمة عبر تلفيق تهمة “مقاومة الأمن أثناء التفتيش”، رغم أن حمزة كان مكبل اليدين لا يقوى على الدفاع عن نفسه. الأكثر صدمة أن المدعي العام في مديرية شرطة محافظة إربد قرر منع محاكمة المعتدين بحجة “غياب الدليل”، رغم الإصابات الدائمة التي لحقت بابنها، وكأن العدالة أصبحت رهينة رواية الجلاد لا صراخ الضحية.

أعلنت العائلة أن حمزة لا يزال محتجزًا حتى اللحظة داخل مركز إصلاح وتأهيل الزرقاء، على خلفية منشورات دعم لغزة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث يواجه قضية منظورة أمام محكمة أمن الدولة، رغم أن نشاطه لم يتجاوز نطاق التعبير السلمي عن التضامن مع شعب محاصر.

كشفت الأسرة أن الاعتداء الذي تعرض له ابنها ليس سوى حلقة جديدة من سلسلة اعتقالات تعسفية طالت العديد من الناشطين الأردنيين خلال الشهور الماضية، لمجرد مشاركتهم في حراكات سلمية أو نشرهم آراء تدين ما يحدث في غزة، وهو ما يعكس تصعيدًا غير مسبوق في الممارسات القمعية، وتضييقًا مستمرًا على الحريات العامة والخاصة.

شددت الأسرة في بيانها على أن ما تعرض له ابنهم جريمة لا يمكن السكوت عنها، وطالبت الرأي العام الأردني بتحمل مسؤولياته الأخلاقية والإنسانية في الوقوف مع المعتقلين السلميين ورفع الصوت عاليًا للمطالبة بالإفراج الفوري عن حمزة، وفتح تحقيق نزيه ومستقل يضمن محاسبة كل من تورط في إيذائه جسديًا ونفسيًا، ووقف الانتهاكات التي تمارس بغطاء قانوني هش ضد من يناصرون قضايا إنسانية عادلة.

سجلت الحادثة كواحدة من أخطر التجاوزات الأمنية في الأردن مؤخرًا، حيث تم التغاضي عن حجم الإصابة والظروف غير الإنسانية التي أدت إليها، ولم يُحاسب أحد من المسؤولين، فيما لا يزال حمزة يدفع وحده ثمن تعبيره عن رأيه وفقد بصره في سبيل موقف إنساني كان يجب أن يُحترم لا يُقمع.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى