حكم بالسجن على مراهق جورجي بسبب ركلة مزعومة لشرطي سريّ

أصدرت إحدى المحاكم في جورجيا حكمًا شديد القسوة بسجن طالب يبلغ من العمر 19 عامًا يُدعى سابا جياكيا، لمدة تجاوزت أربع سنوات كاملة، فقط لأنه متهم بركل شرطي لم يكن مرتديًا لزيه الرسمي أثناء احتجاجات طلابية سلمية شهدتها البلاد.
الحكم جاء وسط صدمة واسعة من تجاهل القانون الجورجي ذاته، الذي ينص صراحة على توفير إجراءات عدالة خاصة للشباب بين 18 و21 عامًا، وهي الإجراءات التي تجاهلتها المحكمة عمدًا دون أي مبرر قانوني.
اتهمت النيابة العامة الطالب بأنه هاجم أحد رجال الشرطة خلال التظاهرات المؤيدة للتوجه الأوروبي، رغم أن هذا الشرطي ظهر في المحكمة مؤكدًا بنفسه أنه لم يتعرض لأي إصابة. ومع ذلك، جرى تمرير الحكم بسرعة، دون التوقف أمام الشهادة أو فحص الفيديوهات التي اعترض عليها الدفاع.
أهملت المحكمة تمامًا القاعدة القانونية التي توجب اختيار أقل التدابير الممكنة في مثل هذه الحالات، ورفضت بحث أي بدائل قانونية عن السجن، بل اختارت توقيع عقوبة تكاد تلامس الحد الأقصى، وكأن الغرض لم يكن تنفيذ القانون، بل توجيه ضربة تأديبية لشاب عبر عن رأيه وسط حراك طلابي واسع.
تم اقتياد الطالب إلى السجن بعد جلسة تمهيدية خاطفة، دون دراسة دقيقة لأسباب الحبس الاحتياطي أو بحث أي إجراء تقييدي بديل. وقد حدث ذلك في وقت تشهد فيه البلاد موجة احتجاجات متواصلة، ما يكشف عن نية واضحة في تكميم أفواه المعارضين بدلًا من تطبيق القانون بشكل نزيه.
اعتمد الادعاء على تسجيلات مصورة كمصدر رئيسي للإدانة، دون منح هيئة الدفاع حق استجواب الخبراء الفنيين الذين أعدوا التحليلات المزعومة، مما شكّل انتهاكًا فجًّا لمبادئ المحاكمة العادلة، خاصة وأن القانون الجورجي يمنح المتهمين الشباب وضعًا قانونيًا خاصًا يضمن لهم معاملة مختلفة عن البالغين.
سجلت المحاكم الجورجية في السابق تطبيقًا واسعًا لمبادئ عدالة الشباب، لكن في حالة سابا جياكيا، تم القفز فوق هذه الإجراءات بشكل مثير للريبة، وهو ما يعكس ازدواجية صارخة في التعامل مع المتهمين، خصوصًا أولئك المرتبطين بالاحتجاجات ضد السياسات الحكومية.
تعمدت السلطات القضائية تجاهل الانتهاكات المرتكبة من قبل رجال الشرطة، الذين لم يُحاسب أي منهم حتى الآن على حالات الضرب والاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة داخل المراكز الأمنية، مما يشير إلى أن يد القانون لا تتحرك إلا في اتجاه واحد: نحو معاقبة المحتجين فقط.
جاء الحكم الصادم ضمن سياق أوسع من القمع المتصاعد ضد المظاهرات الطلابية، حيث تُفرض أحكام مغلظة بحق المشاركين، بينما يُمنح المعتدون من رجال الأمن غطاء تامًا من المحاسبة، حتى عند توفر أدلة واضحة على تجاوزاتهم.
أدى كل ذلك إلى تعزيز قناعة راسخة بأن العدالة في جورجيا لا توزع بعدل، وأن قاعات المحاكم تحولت إلى أدوات للترهيب السياسي، يُستخدم فيها القانون كستار لتصفية الأصوات الرافضة، خصوصًا من فئة الشباب.
ما حدث لسابا جياكيا ليس استثناءً بل امتدادًا لسياسة ممنهجة، تُستخدم فيها السلطة القضائية كأداة لإسكات من يرفعون صوتهم دفاعًا عن مستقبلهم، لتبقى صورة العدالة في جورجيا باهتة، مشوهة، وخالية من أي مضمون حقيقي.