منظمة العفو الدولية تندد باعتقال وتعذيب متضامنين مع غزة داخل مصر

أعلنت منظمة العفو الدولية أن السلطات المصرية تمادت في استهداف النشطاء والمتضامنين مع الشعب الفلسطيني، عبر اعتقالات تعسفية ووقائع تعذيب جسيمة، طالت مصريين وأجانب لمجرد تعبيرهم السلمي عن دعمهم لمسيرة تضامنية إلى قطاع غزة المحاصر.
وأكدت المنظمة أن ما لا يقل عن سبعة مواطنين مصريين جرى احتجازهم تعسفيًا، دون اتهامات حقيقية أو إجراءات قانونية سليمة، بسبب مشاركتهم أو دعمهم لمبادرة سلمية كان هدفها كسر الحصار الإسرائيلي الجائر المفروض على غزة. وأضافت أن قوات الأمن المصرية شنت حملة توقيفات طالت عشرات من المشاركين الأجانب، أعقبها ترحيل جماعي، مع منع التواصل مع المحامين أو السفارات.
وشددت المنظمة على أن ما وثقته من شهادات يرقى إلى انتهاكات خطيرة، بعضها قد يصل إلى مستوى التعذيب، خاصة فيما يتعلق بثلاثة مواطنين مصريين تم القبض عليهم من منازلهم في محافظتي القاهرة والشرقية، واحتُجزوا بمعزل عن العالم الخارجي داخل مقرات مجهولة تابعة للأمن الوطني لمدة قاربت عشرة أيام.
وأفادت المنظمة بأن أحد المعتقلين صُعق بالكهرباء في مواضع حساسة، وتعرض للركل والصفع خلال التحقيق، بينما جُرِّد الثاني من ملابسه بالكامل وتعرض للضرب، وهي ممارسات لا يمكن تفسيرها إلا باعتبارها تعذيبًا متعمدًا وممنهجًا.
وذكرت العفو الدولية أن نيابة أمن الدولة العليا وجّهت للمعتقلين تهمًا جاهزة، شملت الانضمام إلى جماعة إرهابية، ونشر أخبار كاذبة، وتمويل تنظيم محظور، ثم قررت حبسهم احتياطيًا لمدة 15 يومًا على ذمة التحقيق، مع الإشارة إلى أن أربعة مواطنين آخرين أضيفوا لاحقًا إلى القضية نفسها بنفس الاتهامات، ليبلغ عدد المحتجزين المصريين بسبب التضامن مع غزة سبعة على الأقل.
وأعربت المنظمة عن قلقها البالغ من المعاملة التي لاقاها المواطنون الأجانب الذين شاركوا في المسيرة، حيث أكدت أن خمسة من النشطاء الدوليين تعرضوا للاعتقال، والترويع، والعنف الجسدي، والاحتجاز دون سند قانوني، بينهم الناشطة الكرواتية-البيروفية ستيفاني كريسوستومو التي اعتُقلت مع زوجها من أحد فنادق القاهرة، ثم نقلت إلى المطار وهي مقيدة، وعليها آثار كدمات واضحة بعد أن حاولت رفض ترحيلها قبل الإفراج عن زوجها.
كما تحدث أحد النشطاء الأجانب عن توقيفه في محافظة الإسماعيلية مع 15 آخرين، وتعرضه للضرب المبرح ومحاولة إذلال جنسي فج أثناء اعتقاله، دون إتاحة أي وسيلة للتواصل مع الخارج، قبل أن يُرحل قسرًا من البلاد.
ونقلت المنظمة روايات رجلين نرويجيين وسيف أبو كشك، المتحدث باسم المسيرة، أكدوا فيها أنهم اعتُقلوا من أحد المقاهي في القاهرة، وعُصبت أعينهم وقُيدت أيديهم ونُقلوا إلى مكان غير معلوم، حيث تعرضوا للضرب والركل والاستجواب القسري، في مشهد يعكس سلوكًا أمنيًا وحشيًا لا يراعي أدنى درجات حقوق الإنسان.
وأشار النشطاء إلى أن الشرطة تعمدت دفعهم واصطدامهم بالجدران وهم معصوبي الأعين، بينما كان أفراد الأمن يضحكون، مما يكشف نمطًا متكررًا من الانتهاكات النفسية والجسدية داخل أماكن الاحتجاز، وفق وصف العفو الدولية.
ولفتت المنظمة إلى أن هذه الاعتقالات تزامنت مع إعلان رسمي من السلطات المصرية يشترط حصول الأجانب على موافقات مسبقة لزيارة المناطق الحدودية مع غزة، رغم أن المنظمين كانوا قد قدموا طلبات رسمية مسبقة لأكثر من 30 سفارة دون تلقي أي رد.
واختتمت منظمة العفو الدولية تقريرها بالتأكيد أن هذه الانتهاكات لا يمكن تبريرها تحت أي ذريعة، وأن قمع الأصوات المتضامنة مع الشعب الفلسطيني يمثل انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان، داعية السلطات المصرية إلى الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المحتجزين بسبب تعبيرهم السلمي عن التضامن مع غزة، وفتح تحقيق جاد في جميع وقائع التعذيب والمعاملة المهينة التي وثقتها المنظمة بالأدلة والشهادات.