أكاديميون إسرائيليون يحذرون من انتهاكات محتملة في رفح ويرفضون مشروع “المدينة الإنسانية”

حذر أكاديميون حقوقيون إسرائيليون من مخطط إنشاء معسكر احتجاز في رفح، معتبرين الخطة انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي وجريمة حرب تتمثل في النقل القسري والإبعاد.
في رسالة رسمية وجهها 16 أستاذًا ومحاضرًا متخصصين في القانون الدولي من كليات الحقوق الإسرائيلية، وجهوا تحذيرًا شديد اللهجة لوزير الدفاع يسرائيل كاتس ورئيس أركان الجيش إيال زامير، أكدوا رفضهم القاطع للمخطط المسمى “المدينة الإنسانية”.
أوضح الأكاديميون أن الخطة تمثل مخالفة قانونية واضحة وصريحة، حيث تهدف لتجميع سكان غزة في معسكر احتجاز سيُقام على أنقاض مدينة رفح المدمرة.
وأضافت: “في حال تنفيذ الخطة، فإنها ستشكل سلسلة من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وفي ظل ظروف معينة، قد ترقى إلى جريمة إبادة جماعية”.
ويتضمن المخطط نقل 600 ألف فلسطيني إلى المكان في مرحلة أولى بعد خضوعهم لفحص أمني صارم، على ألا يُسمح لهم لاحقا بمغادرتها إلى مناطقهم التي نزحوا منهم.
وحسب هيئة البث العبرية الرسمية، ستقام المدينة المزعومة بين محوري فيلادلفيا وموراج جنوبي غزة، وسيتم تجميع كل فلسطينيي غزة بها، ثم تفعيل آليات لتشجيع ما تزعم أنه “هجرة طوعية” للفلسطينيين إلى خارج القطاع.
وحذرت الرسالة من أن هذه الخطة تُشكل “جريمة حرب تتمثل في النقل القسري والإبعاد “.
وقالت بهذا الصدد: “نظرًا لطبيعة الخطة المنهجية وواسعة الانتشار، تُشكل جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبعاد أو النقل القسري”.
إلى جانب ذلك، فإن هذه الخطة تشكل وفق الرسالة، “جريمة ضد الإنسانية تتمثل في الحرمان الشديد من الحرية، بما يُخالف القواعد الأساسية للقانون الدولي بسبب حظر مغادرة المنطقة، وفي الاضطهاد بسبب الحرمان الشديد من الحقوق الأساسية على أساس الهوية الجماعية، بالتزامن مع النية المعلنة وهي تشجيع الهجرة”.
وأشارت إلى وجود خطر كبير من “تحقق جريمة الإبادة، وذلك نظرا لاحتمال خلق ظروف معيشية تؤدي إلى تدمير جزء من السكان”، لافتة إلى أن ذلك يأتي في ظل “ظروف الإنسانية مزرية في غزة”.
كما قالت إن “تركيز المدنيين في ظل كثافة سكانية شديدة وظروف إنسانية قائمة قد يٌفسر على أنه إلحاق ضرر متعمد بمجموعة من المدنيين”.
ودعت إلى “عدم اتباع هذا المشروع”، معتبرة أي “توجيه للتحضير أو المضي قدما في إنشائه يعد أمرا غير قانوني بشكل واضح”.
وفي السياق، أشارت الرسالة إلى أن هذه الخطة من شأنها أن تعرض “شخصيات سياسية، وكذلك ضباط وجنود الجيش الإسرائيلي، لمخاطر قانونية جسيمة، في المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي وغيرها من المحاكم”.
وقالت: “بخلاف رؤساء الدول، الذين قد يتمتعون بالحصانة في بعض الظروف، لا يتمتع السياسيون والعسكريون بالحصانة، ولا ينطبق قانون التقادم على الجرائم المذكورة”.
وتابعت: “أي شخص يخطط أو يأذن أو ينفذ هذه الخطة قد يُحاسب شخصياً على جرائم دولية خطيرة”.
وأردفت: “إن القادة الذين يُصدرون تعليمات للجيش بتنفيذ الخطة يأمرونهم فعلياً بارتكاب أعمال غير قانونية بشكل واضح، مما يُعرّضهم للملاحقة الجنائية في جميع أنحاء العالم، لذلك، نناشد جميع الجهات المعنية بإلحاحٍ برفض هذه الخطة علنًا، والتبرؤ منها، وضمان عدم تنفيذها”.
جدير بالذكر أن معسكر الاحتجاز الذي تعتزم إسرائيل إنشاءه برفح يعيد إلى الأذهان معسكرات الاعتقال النازية سيئة الصيت في أربعينات القرن الماضي، وتسعى تل أبيب من خلاله لاحتجاز مئات آلاف الفلسطينيين وتجويعهم لإجبارهم على الهجرة إلى الخارج، وفقا لمراقبين دوليين ووسائل إعلام عبرية، بينها هآرتس.
وختم الأستاذة والمحاضرون الرسالة بتوقيعاتهم فيما لم تتم الإشارة إلى الجامعات والمعاهد التي يعملون بها.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 196 ألف قتيل وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.