حقوق وحريات

استقالات جماعية تهز مستشفى شبوة بسبب انهيار كامل بالخدمات والإدارة

أفاد شهود بأن مستشفى شبوة الواقع في جنوب اليمن يشهد حالة غير مسبوقة من الفوضى والانهيار، دفعت بعدد من الأطباء إلى تقديم استقالاتهم دفعة واحدة، في مشهد يعكس حجم التدهور الداخلي والتسيّب الإداري الذي طال واحدة من أهم المؤسسات الصحية في المنطقة.

أكد العاملون الذين غادروا المستشفى أنهم لم يعودوا قادرين على الاستمرار وسط بيئة يسيطر عليها العبث والإهمال، حيث تحوّلت المهنة الإنسانية إلى صراع يومي مع الفساد، وبدلًا من أداء واجبهم تجاه المرضى، باتوا يواجهون عراقيل متعمدة، وغيابًا كاملًا للتجهيزات، ونقصًا حادًا في المستلزمات الطبية الأساسية.

أشار أطباء سابقون بالمستشفى إلى أن الإدارة غرقت في شبهات محسوبية ومحاباة، أدت إلى تعيين غير المؤهلين في مناصب حساسة، ما ساهم في تفاقم تردي الوضع الطبي، وسط تجاهل تام لصيحات الاستغاثة المتكررة من الطاقم الطبي والتمريضي.

أوضح مطلعون أن بيئة العمل تحوّلت إلى جحيم حقيقي، حيث لم تعد الأولوية لإنقاذ المرضى، بل لتصفية الحسابات وتثبيت النفوذ، فيما بقيت غرف الطوارئ فارغة من المعدات، وغرف العمليات عاجزة عن استقبال الحالات الحرجة، حتى البسيطة منها، نتيجة لانعدام المواد الأساسية وغياب الكادر المؤهل.

استدرك بعض الموظفين المستقيلين بأن الوضع لم يعد يحتمل السكوت، حيث بلغ الانحدار حدًا تجاوز كل الخطوط الحمراء، وانعكس بشكل مباشر على أرواح المرضى، مؤكدين أن حالات وفاة مؤلمة وقعت نتيجة الإهمال والتقصير، دون أن يرف لأحد من المسؤولين جفن.

زعم العاملون أن رواتبهم تُستقطع بشكل غير مبرر، وتصرف بشكل غير عادل، بينما يتمتع المحسوبون على جهات نافذة بامتيازات خيالية دون وجه حق، في وقت تتآكل فيه المستشفى من الداخل وتتسرب كوادرها الطبية الواحد تلو الآخر، وسط صمت مطبق لا يُفسّر إلا بالتواطؤ أو الجبن.

أعلن أحد المستقيلين، وهو من كبار الجراحين في المستشفى، أن قراره جاء بعد أن عجز عن إجراء عملية طارئة لطفل بسبب نفاد أدوات التخدير، وهو المشهد الذي يتكرر يوميًا في صمت مؤلم، وسط عجز الإدارة عن التدخل أو حتى الاعتراف بالمشكلة.

لفت كثيرون إلى أن هذا الانهيار لم يكن وليد لحظة، بل نتيجة تراكم سنوات من الفساد واللا مبالاة، فيما تحوّلت الموازنة التشغيلية إلى مورد للعبث، دون وجود أدنى رقابة حقيقية على كيفية صرفها أو الجهات المستفيدة منها.

استرسل موظف سابق قائلاً إن الكارثة لا تكمُن فقط في نقص الأجهزة أو سوء الإدارة، بل في الإصرار على تجاهل أصوات العاملين، ومحاولة إسكاتهم بدلاً من إصلاح الخلل، حتى باتت المستشفى مكانًا للطرد والإقصاء بدلًا من أن تكون ملاذًا للعلاج والرعاية.

أجاب أحد الفنيين المستقيلين بأن رفضه التوقيع على تقارير مزورة كلّفه وظيفته، في وقت بات فيه التزوير أمرًا شائعًا لإخفاء عيوب الإدارة وتمرير صفقات غير مشروعة باسم المستشفى.

نوه مراقبون إلى أن هذه الاستقالات الجماعية تحمل دلالات خطيرة على واقع المنظومة الصحية في جنوب اليمن، وتنذر بمستقبل مظلم لمرافق طبية يُفترض أن تكون حصنًا للناس، لا مكانًا لانهيار القيم وتكريس الفساد.

بهذا المشهد، يغلق مستشفى شبوة أبوابه على جراحه المفتوحة، تاركًا وراءه مرضى بلا أمل، وكوادر بلا دعم، ومجتمعًا يتفرج على سقوط مؤسسة كانت يومًا تُعَد من الأعمدة الأساسية للرعاية الصحية في الجنوب.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى