اضطرابات داخلية في حزب الوفد بسبب التهميش في قائمة انتخابات مجلس الشيوخ

يواجه حزب الوفد المصري صراعات داخلية لا تهدأ بعد حصوله على مقعدين فقط على القائمة الوطنية الرسمية لانتخابات مجلس الشيوخ المقبلة. وقد أثار هذا التطور مواجهة مفتوحة بين رئيس الحزب، عبد السند يمامة، والهيئة العليا للحزب، مطالبين باستقالته أو حجب الثقة عنه، مشيرين إلى الإضرار بسمعة الحزب وإرثه التاريخي.
شكّل الإعلان عن قلة عدد مقاعد حزب الوفد في القائمة الوطنية، المقرر خوضها في الانتخابات مطلع أغسطس، صدمةً للموالين للحزب. عقدت اللجنة العليا اجتماعًا طارئًا متوترًا مع اليمامة، حثّته فيه على التنحي حفاظًا على كرامة الحزب. رفض اليمامة، ودعا بدلًا من ذلك إلى التصويت على منح الثقة، المقرر في 27 يوليو.
ينبع أكبر إحباط لدى أعضاء حزب الوفد مما يرونه تراجعًا مُهينًا لحزب قاد الحركة الوطنية المصرية ولعب دورًا محوريًا في الحياة السياسية لأكثر من قرن. في المقابل، مُنحت الأحزاب حديثة التأسيس حصة أكبر من المقاعد. حصل حزب الجبهة الوطنية، الذي لم يُرخص رسميًا إلا في فبراير، على 12 مقعدًا، مما أثار الشكوك في أن بعض عناصر المؤسسة الحاكمة عازمة على تهميش الأحزاب القديمة في مصر.
يتصدر القائمة حزب مستقبل وطن بـ 44 مقعدًا، يليه حماة الوطن بـ 19 مقعدًا، ثم الجبهة الوطنية بـ 12 مقعدًا. وحصل كلٌّ من الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي وحزب الشعب الجمهوري على خمسة مقاعد، بينما خُصصت أربعة مقاعد لحزبي العدالة والإصلاح والتنمية. وحصل كلٌّ من حزب الوفد وحزب التجمع اليساري على مقعدين، بينما حصلت أحزاب المؤتمر والجيل الديمقراطي والحرية على مقعد واحد فقط.
اتهم كثيرون في الهيئة العليا لحزب الوفد يمامة بالفشل في تأمين حصة محترمة للحزب في الائتلاف الانتخابي. وردّ اليمامة بأنه مستعد للتنحي إذا صوّتت الجمعية العمومية على سحب الثقة، ولكن إذا أعادت الجمعية تأكيد قيادته، فسيستلزم ذلك حل الهيئة العليا، وهي خطوة من المرجح أن تُعمّق الانقسامات الداخلية في الحزب.
دعا بعض الأعضاء إلى الانسحاب من القائمة الانتخابية كليًا، معتبرين أن الاكتفاء بمقعدين يُسيء إلى إرث حزب الوفد. لكن رئيس الحزب يمامة رفض هذا المقترح، محذرًا من أنه قد يُؤدي إلى فقدان الحزب تمثيله بالكامل نظرًا لصعوبة الفوز بمقاعد خارج القائمة الوطنية. وقال: “مسؤوليتي هي ضمان مستوى تمثيل يعكس الثقل الرمزي والدور التاريخي لحزب الوفد”.
تضم القائمة الوطنية أحزابًا مؤيدة للحكومة، إلى جانب جماعات معارضة اسمية مثل حزب الوفد. وكانت الحكومة تأمل أن تتحد أحزاب المعارضة في قائمة موحدة لتقديم صورة سياسية أكثر توازنًا. إلا أن هذا التوافق لم يتحقق، ولا تزال المعارضة المصرية مجزأة وغير فعالة.
تم إيقاف يمامة مؤقتا عن قيادة الحزب في انتظار التصويت على الثقة، وتم تعيين الأمين العام ياسر الهضيبي قائما بأعمال الرئيس حتى يتم اتخاذ القرار النهائي إما بتجديد ولاية اليمامة وحل اللجنة العليا الحالية أو عزله وانتخاب رئيس جديد للحزب.
في انتخابات مجلس الشيوخ لعام ٢٠٢٠، فاز حزب الوفد بستة مقاعد. هذه المرة، لم يُخصص له سوى مقعدين من أصل ١٠٠ مقعد تُشغل بنظام القوائم الحزبية في مجلس الشيوخ المكون من ٣٠٠ مقعد، يُعين رئيس الجمهورية نصفهم ويُنتخب النصف الآخر، موزعين بين نظامي الانتخاب الفردي والقوائم الحزبية.
يقول مراقبون إن الأزمة داخل حزب الوفد تعكس خللاً أعمق في المشهد السياسي المصري. تعاني العديد من الأحزاب من غياب الديمقراطية الداخلية، وهيمنة الرجل الواحد، وفوضى إدارية. وتنظر الحكومة إليها بشكل متزايد على أنها غير فعالة وهامشية سياسياً.
قال نائب رئيس حزب الوفد، حسين منصور، لصحيفة “عرب ويكلي” إن المخصصات المالية الضئيلة للحزب “لا تعكس قيمته التاريخية ولا شعبيته ولا قوته السياسية”. وأضاف: “الوفد أقوى من أي فرد، وسيستعيد مكانته”.
تخشى أصوات المعارضة أن يتجه الحزب نحو التهميش، وأن تراجع حضوره قد يُنذر بزوال التقاليد الليبرالية المصرية. ويعتقد البعض أن قلة عدد المقاعد المخصصة للحزب تهدف إلى دفعه نحو الانهيار.
أقرّ منصور بأن “الغضب من عدد المقاعد مبرر”، مضيفًا أن “أعضاء الوفد يدافعون بشراسة عن اسم الحزب وإرثه. لكن هذا لا يعني أننا نتجه نحو صراع متواصل. لقد صمد الحزب في وجه عواصف أشد وطأة”.
يرفض فصيل مهم داخل حزب الوفد أي اقتراح بأن يكون الحزب تابعًا سياسيًا أو يقبل بفتات برلماني تُوزّعه الأحزاب الجديدة. ويجادلون بأن قبول مثل هذه الشروط سيُسيء إلى إرث عمالقة مثل سعد زغلول ومصطفى النحاس وفؤاد سراج الدين. ويرى هؤلاء أن رحيل اليمامة أمرٌ ضروري.
يُحذّر هذا الفصيل من أن الصمت على ما يعتبره إهانةً لمكانة حزب الوفد لن يؤدي إلا إلى مزيد من التراجع. ويطالب بإقالة القيادة الحالية، التي يتهمها بالاستسلام للسلطات الحاكمة، وحصر الوفد في مجرد اسمٍ آخر ضمن قائمة طويلة من الأحزاب الشكلية.
بينما يُواجه الحزب خطر الانزلاق إلى الفوضى، يعتقد كثيرون أنه لا يزال يمتلك شخصيات كفؤة قادرة على إعادته إلى مساره الصحيح. ويؤكدون أن إدارة الأزمة بحكمة أمرٌ بالغ الأهمية، لا سيما وأن استمرار وجود حزب الوفد كقوة سياسية موثوقة يُهدد الأحزاب الناشئة حديثًا والمرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالحكومة.
المصدر/ عرب ويكلي