أحزاب وبيانات

حزب المصريين الأحرار يستخدم الذكاء الاصطناعي لخداع الناخبين وتوجيه عقولهم

أعلن حزب المصريين الأحرار انطلاق أول حملة انتخابية في مصر تعتمد بالكامل على تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليس من باب التطور أو تحديث الأدوات، بل كخطوة محسوبة لاختراق عقول الناخبين بطريقة ممنهجة، وتحويل كل دائرة انتخابية إلى ساحة تجريب نفسي وسلوكي يمارس فيها التلاعب والتوجيه الخفي.

أوضح الحزب أنه سيستخدم الذكاء الاصطناعي لتحليل سلوك الناخبين، بزعم فهم “الاحتياجات المحلية”، لكن الحقيقة أن ما يجري هو تجنيد خوارزميات لتحليل التفاعلات، تتبع العادات الرقمية، رصد الغضب الشعبي، وتصميم رسائل سياسية مخصصة لكل فرد في كل دائرة، لتبدو وكأنها خارجة من قلب الشارع، بينما هي ناتج معادلات وأوامر مبرمجة بعناية لاختراق النفوس.

أكدت مصادر متابعة أن الحملة ستستخدم بيانات ضخمة تم جمعها من سنوات من التفاعل الرقمي، تشمل ما يكتبه المواطنون على وسائل التواصل، وما يبحثون عنه، وما يغضبهم وما يسعدهم، ثم تُعاد صياغة الوعود والكلمات والملفات والمرشحين أنفسهم، حسب ما يرضي كل شريحة، في ممارسة واضحة لإعادة تشكيل الرأي العام بالريموت كنترول.

أشارت نفس المصادر إلى أن الحزب يسعى من خلال هذه التقنية إلى تحقيق تفوق ساحق في انتخابات مجلس الشيوخ المقبلة، ليس عبر الإنجازات أو البرنامج الانتخابي أو التاريخ السياسي، بل من خلال عملية مبرمجة لتزييف التفضيلات الفردية وتحويلها إلى أصوات مؤيدة، دون أن يشعر المواطن بأنه تم التلاعب بعقله بشكل ناعم، متقن، وغير مرئي.

نوه مراقبون أن الحملة لا تكتفي بتحليل السلوك، بل تعيد ترتيب الأولويات في ذهن المواطن، وتضع على لسان المرشح وعودًا موجهة بعناية لكل دائرة، حتى لو كانت متناقضة من منطقة لأخرى، فالمهم هو الصوت، وليس الحقيقة، والنتيجة ليست تمثيل الناس، بل إدارتهم بصيغة “ذكية” وكأنهم منتجات في سوق مفتوح.

استدرك مراقب تقني أن الاستخدام الظاهري للتكنولوجيا يخفي في طياته مشروعًا أكثر خطورة: تحويل العمل السياسي من نشاط بشري خاضع للمحاسبة إلى عملية تكنولوجية يتحكم فيها من يمتلك خوادم البيانات والأدوات التحليلية، وهو ما يطرح تساؤلات أخلاقية كبيرة عن مستقبل العملية الانتخابية في مصر إذا ما استمر هذا النهج دون رقابة أو شفافية.

أردف المصدر أن ما يحدث الآن هو بداية تسلل لنموذج عالمي معروف باستخدام الذكاء الاصطناعي للتأثير السياسي، كما حدث في تجارب عالمية سابقة، لكن المقلق أن ذلك يجري في سياق محلي هش، يعاني من ضعف الوعي الرقمي، ما يجعل الناخبين هدفًا سهلًا لتجارب سياسية رقمية قد لا يُدركون آثارها إلا بعد فوات الأوان.

أشار مهتمون بالشأن الانتخابي إلى أن الحزب لم يوضح كيف تم جمع هذه البيانات، ولا من يراقب صحة استخدامها، ولا إن كانت هناك حدود قانونية تضبط هذه الممارسات، ما يفتح الباب أمام احتمالات كثيرة تتجاوز مجرد استخدام التقنية لتصل إلى العبث الكامل بالإرادة الشعبية.

اختتم المصدر بالتحذير من أن دخول الذكاء الاصطناعي بهذا الشكل إلى الحملات الانتخابية، دون حواجز أو محاسبة، قد ينقلنا من مرحلة الدعاية السياسية إلى مرحلة “التحكم الكامل في القرار”، حيث لا يعود للناخب حرية الاختيار، بل يجد نفسه يتبنى ما طُبخ له مسبقًا داخل خوارزمية لا يعرف من يديرها ولا كيف تشتغل.

أصبحت الخوارزميات اللاعب الأساسي في الحملة، تتحكم في صياغة الرسائل، ترتيب الأولويات، وتوقيت النشر، بينما تم تهميش العمل السياسي الطبيعي، وتحويل الناخب إلى كائن مستهلك للرسائل الموجهة، لا شريك في تقرير المصير، بل هدف في معركة تقنية ذات كواليس غير مرئية.

تحوّلت الحملة إلى مختبر تجريبي على السلوك الانتخابي، لا فرق فيه بين دائرة فقيرة وأخرى راقية، لأن الرسائل مفصلة مسبقًا حسب الحالة الاجتماعية والاقتصادية والنفسية، تُرسل لكل مواطن بما يريده أن يسمعه، وليس ما يجب أن يعرفه، ما يفرغ العملية السياسية من معناها بالكامل.

المشهد لا يحمل أي بُعد تنافسي أو تنوع فكري، بل يعكس هندسة انتخابية رقمية قادرة على إعادة توجيه العقول، وتصنيع القناعة، وتثبيت رأي مُسبق لدى الجمهور، دون أن يتاح لهم أي فرصة فعلية للتفكير أو المقارنة أو حتى الشك فيما يُعرض عليهم من رسائل.

ما يجري ليس تطويرًا للخطاب، بل إعادة برمجة للوعي الانتخابي، تُدار فيه صناديق الاقتراع بنفس أدوات الإعلانات التجارية، وتُستخدم فيه التقنيات الحديثة لا لتحقيق الشفافية، بل لخلق وهم انتخابي متقن الصنع، يؤدي في النهاية إلى فوز محسوم قبل أن تُفتح الأبواب.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى