أحزاب وبيانات

حزب الوفد يغلي من الداخل وسط مقاعد محدودة وطموحات شخصية صادمة

قال الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد، إن شعورًا مريرًا يهيمن على أبناء الحزب بعد أن خصّصت لهم القائمة الوطنية لمجلس الشيوخ مقعدين فقط، في مشهد وصفه بـ”المؤلم” وغير المنصف، بالنظر إلى ما يمثله الحزب من قيمة تاريخية وثقل سياسي لا يمكن تجاهله.

وأكد خلال مشاركته في الاجتماع التشاوري الثالث بمقر حزب الجبهة، أن الوضع الداخلي للحزب أصبح مقلقًا للغاية، بسبب تداعيات هذا التمثيل الضعيف، وما نتج عنه من إحباط داخل الصفوف الوفدية.

أوضح أن حزب الوفد لم يكن يتوقع هذا التراجع في عدد المقاعد، خاصة أنه كان دائمًا في مقدمة المشهد السياسي، مبدياً استياءه من طريقة إدارة الأمور داخل التحالف، التي لم تضع في اعتبارها تضحيات الحزب ومكانته بين القوى السياسية الأخرى.

وفي مقابل ذلك، يرى مراقبون ومواطنون أن الأزمة الحقيقية لا تكمن فقط في عدد المقاعد، بل في الكيفية التي تم بها الدفع بأسماء معينة إلى القائمة، حيث بات واضحًا أن أغلب المتقدمين من أعضاء الهيئة العليا بالحزب اندفعوا نحو الترشح عبر القائمة الوطنية بدافع الرغبة في ضمان النجاح فقط، دون أدنى استعداد لخوض أي منافسة حقيقية على المقاعد الفردية، وهي حقيقة تُثير علامات استفهام كثيرة حول جدية هؤلاء في تمثيل الشارع.

استنكر مواطنون ونشطاء سياسيون ضعف تفاعل أعضاء الهيئة العليا للوفد مع القضايا الوطنية، حيث لم يسجَّل لأي منهم موقف يُحسب له على مدار نحو ثلاث سنوات من العضوية، وهو ما يُثير تساؤلات عن دوافعهم الحقيقية للترشح.

وأشاروا إلى أن الغرض من الترشح عبر القائمة لم يكن أبدًا خدمة المواطن أو تقديم مشروع سياسي، بل مجرد طموحات شخصية مفرغة من أي مضمون شعبي أو وطني.

زعم هؤلاء أن غياب الجرأة في الترشح على المقاعد الفردية يُثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن أعضاء الهيئة لا يتمتعون بقاعدة جماهيرية حقيقية، وأنهم يدركون جيدًا أن الشارع السياسي لن يمنحهم ثقته في انتخابات مفتوحة، وهو ما دفعهم للاحتماء بالقائمة كوسيلة للهروب من اختبار الشعبية الحقيقي.

أشار بعض المحللين إلى أن هذه الحالة تعكس أزمة داخلية أعمق في حزب الوفد، حيث أصبحت قرارات الترشح خاضعة لاعتبارات ضيقة لا علاقة لها بالمصلحة العامة، وسط غياب رؤية سياسية واضحة، وافتقار تام للعمل الميداني الحقيقي من جانب قيادات الحزب، التي اكتفت بالظهور المناسباتي دون ترك أثر ملموس.

أردف آخرون أن الوضع الحالي يُمثل خطرًا وجوديًا على حزب الوفد، الذي بات اليوم في مرمى انتقادات حادة من قواعده الشعبية، التي ترى أن الحزب فقد الكثير من بوصلته بسبب تغلّب النزعة الفردية والانتهازية على حساب المبادئ الوطنية، محمّلين المسؤولية الكاملة للهيئة العليا التي فشلت في إنتاج أي كوادر تُحدث فرقًا حقيقيًا في الشارع.

شهد الاجتماع التشاوري الثالث للقائمة الوطنية حضورًا واسعًا من ممثلي الأحزاب، بهدف تنسيق المرحلة المقبلة من العملية الانتخابية.

ورغم التوصيات التي خرج بها الاجتماع، والتي تضمّنت إعلان الدعم الكامل للرئيس عبدالفتاح السيسي، وتوجيه الشكر للشعب المصري على تحمله للظروف، والدعوة إلى المشاركة الإيجابية، إلا أن الأحاديث الجانبية داخل أروقة اللقاء كشفت عن خلافات حادة بين عدد من الأحزاب بشأن توزيع المقاعد والمعايير الغامضة لاختيار الأسماء.

أكدت القائمة الوطنية على الالتزام الكامل بقواعد الشفافية والنزاهة، والحرص على المنافسة الشريفة بين المرشحين، إلا أن المشهد الواقعي يشي بانقسامات لا يمكن تجاهلها، وبأن كثيرًا من المشاركين لا يرون في الأمر سوى فرصة شخصية، وسط غياب شبه كامل لمعايير الكفاءة أو الحضور الشعبي.

استمر العمل على تشكيل خطة الحملة الإعلامية المشتركة، وفق ما تقرر في الاجتماع السابق، على أن يتم استعراض نتائج هذا العمل في الاجتماع الرابع المزمع عقده قريبًا.

لكن حتى ذلك الحين، يظل حزب الوفد مثالًا صارخًا لأزمة داخلية تتفاقم بصمت، بينما تتوالى محاولات التجميل السياسي التي لم تعد تُقنع أحدًا.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى