حقوق وحريات

سجن مرهال بولوش في كويتا بعد مطالبتها بكشف جثث مدفونة سرًا

أطلقت السلطات الأمنية الباكستانية حملة قمع شديدة انتهت باعتقال الناشطة البلوشية مرهال بولوش، ابنة أحد رموز الحراك البلوشي، في مدينة كويتا، وذلك بعد مشاركتها في احتجاجات حاشدة طالبت بكشف هويات ضحايا حادث دموي مرتبط بقطار جافار إكسبرس.

جاءت العملية بعد تصاعد الغضب الشعبي تجاه دفن عدد من القتلى دون إجراء فحوصات الحمض النووي أو تحديد هويتهم، ما اعتُبر تسترًا على مجازر جماعية تمت بحق مدنيين.

اتهمت قوات الأمن مرهال بولوش بالمشاركة في “أعمال تكدير النظام”، رغم أن تحركاتها انحصرت في وقفات سلمية أمام مستشفى كويتا، حيث جُمعت جثث القتلى دون بيانات واضحة، وجرى دفنها في مقابر جماعية، وهو ما أثار شكوكًا واسعة حول التلاعب في مصير المفقودين البلوش. استخدمت السلطات تهمًا جاهزة تتعلق بالإرهاب، مدعية أنها “حرّضت على التمرد” لمجرد مطالبتها بتحديد هوية القتلى.

تم اقتياد مرهال إلى مقر أمني مغلق، قبل أن تُحوّل إلى سجن هودا السيئ السمعة، حيث وُضعت في زنزانة انفرادية وسط حرمان كامل من مقابلة عائلتها أو محاميها.

وكشفت مصادر حقوقية أن المعاملة داخل السجن تجاوزت كل الحدود الإنسانية، بدءًا من حجب الدواء والطعام، وانتهاءً بالتهديدات الصريحة بعقوبات إضافية إذا لم توقف نشاطها الحقوقي.

خلف الجدران، تواجه مرهال ظروف احتجاز مهينة، بينما تكتم السلطات أي معلومات رسمية بشأن وضعها، وتفرض طوقًا أمنيًا خانقًا على كل من يطالب بالإفراج عنها أو حتى بالكشف عن مصيرها القانوني.

كما سجلت احتجاجات غاضبة في مدن مختلفة، منها كويتا وكراتشي، وواجه المتظاهرون الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع، ما أدى إلى سقوط ضحايا بينهم أطفال ونساء.

نشأت الاحتجاجات بعد مجزرة دموية راح ضحيتها عشرات الأشخاص عقب هجوم مسلح استهدف قطار جافار إكسبرس في ممر بولان، وهي عملية اتهمت السلطات فيها جماعات بلوشية مسلحة، وردت عليها بهجوم واسع النطاق انتهى بجثث مشوهة ومفقودين اختفوا دون أثر. وبدلاً من التحقيق، سارعت الأجهزة الأمنية بدفن القتلى في مقابر دون هوية، مما فجّر الغضب الشعبي.

طالبت مرهال بإجراء اختبارات DNA على جثث الضحايا للتأكد من عدم دفن المختفين قسرًا ضمنهم، لكن هذا الطلب وحده كان كافيًا لجرّها نحو محاكمات عاجلة، صيغت على عجل، بتهم ملفقة واستغلال قوانين الطوارئ لتشديد الحبس.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن القرار باعتقالها لم يكن قانونيًا بقدر ما كان انتقامًا سياسيًا صريحًا من أي صوت نسائي بلوشي يجرؤ على المواجهة.

داخل باكستان، تعتبر مرهال واحدة من الوجوه القليلة التي تجرأت على انتقاد الأساليب الأمنية علنًا، خصوصًا تجاه النساء البلوشيات اللاتي يتعرضن للاعتقال والتغييب والتهديد، في وقت تُستخدم فيه العدالة كغطاء للتخلص من المعارضين. ومنذ توقيفها، تضاعفت حالات التعذيب والاختفاء، في مشهد يعكس انفلاتًا تامًا من المحاسبة.

لم تعد مرهال مجرد ناشطة، بل أصبحت رمزًا لمعركة طويلة ضد دفن الحقيقة والتستر على المجازر، بينما تغلق الدولة كل باب أمام المحاسبة أو الشفافية. السجون باتت مزدحمة بأصوات معارضة، بينما الخارج يعج بصرخات تطالب فقط بكشف من دُفنوا في صمت، وسط صراخ الأمهات والزوجات اللواتي لا يجدن من يسمع أو يستجيب.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى