شرطة بريطانيا تجرّم دعم فلسطين وتلاحق المحتجين بعنف غير مبرر صادم

أعلنت الشرطة البريطانية حملتها المشددة ضد المتظاهرين المناصرين لفلسطين، بعدما قامت باعتقال 70 شخصًا في عدد من المدن البريطانية لمجرد تعبيرهم عن دعمهم لحركة “فلسطين أكشن” التي وُضعت مؤخرًا على قائمة الجماعات المحظورة، دون اكتراث بحقوق التعبير أو مشروعية الاحتجاج السلمي حسبما ذكرت وكالة رويترز للانباء.
أكدت الوقائع أن قوات الأمن البريطانية أقدمت على اعتقال 41 شخصًا أمام البرلمان فقط، بذريعة دعمهم لما تعتبره الحكومة “منظمة محظورة”، في مشهد أعاد للأذهان مشاهد القمع السياسي وليس فرض القانون. كما أُلقي القبض على شخص واحد إضافي بزعم “الاعتداء”، دون توضيح أي تفاصيل حول ملابسات الواقعة.
نفذت الشرطة في الأيام القليلة الماضية سلسلة من الاعتقالات المماثلة، إذ أوقفت 29 محتجًا خلال مظاهرة سابقة في لندن، بينما شهدت مدن مانشستر وكارديف وأيرلندا الشمالية موجات احتجاج متفرقة قابلتها السلطات برد فعل متشنج، عكس حجم التوتر الأمني الذي بات يستهدف كل من يرفع صوته ضد سياسات بريطانيا الداعمة لإسرائيل.
زعم الأمن البريطاني أن هذه الإجراءات تأتي تطبيقًا لتشريعات “مكافحة الإرهاب”، رغم أن أعضاء “فلسطين أكشن” لم يرفعوا سلاحًا، بل اكتفوا باقتحام منشآت رمزية تابعة لسلاح الجو الملكي وتخريب طائرتين بهدف لفت الأنظار إلى دعم لندن العسكري المستمر لتل أبيب، وهي الخطوة التي أثارت جدلًا واسعًا في أوساط المجتمع البريطاني.
أوضح الناشطون أن التظاهرات التي جرى استهدافها لم تكن مسلحة ولا عنيفة، بل رفع المشاركون فيها لافتات كتب عليها “أنا ضد الإبادة الجماعية. وأدعم فلسطين أكشن”، وتجمعوا بسلام بالقرب من تمثال نيلسون مانديلا خارج البرلمان، قبل أن تنهال عليهم الاعتقالات بطريقة أثارت الذعر والغضب.
نوهت مصادر مطلعة إلى أن قرار الحكومة بإدراج “فلسطين أكشن” ضمن التنظيمات الإرهابية لم يأتِ نتيجة تهديدات أمنية حقيقية، بل استجابة لضغوط سياسية داخلية وتنسيق غير معلن مع جهات خارجية داعمة لإسرائيل، حيث أصبح الانتماء إلى الحركة أو التعبير عن تأييدها جريمة تُعاقب بالسجن 14 عامًا، وهي عقوبة تضعها في نفس خانة تنظيمات مثل القاعدة والدولة الإسلامية، في تجاهل فج للفروق الجوهرية.
أشار معارضو القرار إلى أن استخدام قوانين الإرهاب ضد حركة تعتمد على العصيان المدني فقط يمثل انحدارًا خطيرًا في معايير العدالة البريطانية، ويكشف ازدواجية فاضحة في التعامل مع قضايا الحقوق والحريات. فالطلاء الأحمر الذي يستخدمه المحتجون على جدران شركات السلاح الإسرائيلية، مثل شركة “إلبيت”، صار يُعامل كما لو كان مادة تفجيرية، فيما تتجاهل الحكومة عمداً فظائع الحرب في غزة.
استدركت الوقائع أن هذه الممارسات الأمنية المتطرفة باتت تحاصر كل من يتجرأ على الحديث عن فلسطين داخل بريطانيا، حيث تُقابل اللافتات والأصوات بالغلق والاعتقال، وتُستبدل ساحات الديمقراطية بمراكز الاحتجاز، في صورة صارخة لتكميم الأفواه وقلب للحقائق.
أردف نشطاء أن تصنيف الحركة كـ”منظمة إرهابية” لم يمنع خروج المظاهرات، بل زاد من زخمها، ما يكشف حجم القطيعة بين السلطة والجمهور، ويؤكد أن القمع لم يعد ردعًا بل وقودًا لمزيد من التصعيد الشعبي.
بهذا، تتحول ساحة الاحتجاج البريطانية من منبرٍ حر إلى مسرحٍ مغلق، تُدار فيه اللعبة السياسية بيدٍ ثقيلة تُسكت المعارض وتُكبل المتضامن، بينما تُمنح شركات السلاح الحصانة وتُغض الأنظمة الطرف عن دماء الفلسطينيين.