قوات صربية تهاجم محتجين سلميين بالعاصمة وتعتدي على طلاب ومحامين

أشعلت وحشية رجال الأمن الصرب غضبًا واسعًا بعدما انهالوا بعنف غير مبرر على طلاب ومحامين خلال احتجاجات سلمية شهدتها العاصمة بلغراد ومدن أخرى، حيث خرج الآلاف يطالبون بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة، في مشهد تجاوز كل خطوط القمع الممكنة.
أكد شهود عيان أن قوات مكافحة الشغب تعاملت مع المتظاهرين السلميين ببطش لا يعرف حدودًا، مستخدمة الهراوات والركل والضرب العشوائي، سواء في الشوارع أو أمام الجامعات التي تحوّلت إلى ساحات قمع مفتوح. وأوضح شهود أن رجال شرطة بملابس مدنية تسللوا وسط الحشود، وقاموا باعتقالات تعسفية طالت المئات، بعضهم من تلاميذ المدارس الثانوية.
أشار حقوقيون إلى أن الاحتجاجات التي عمّت المدن الصربية اندلعت إثر دعوة حركات طلابية لإجراء انتخابات مبكرة، بعد سلسلة من الإخفاقات الرسمية في البنية التحتية، والتي كان أبرزها انهيار محطة قطارات في مدينة نوفي ساد، ما أودى بحياة 16 شخصًا، وأثار موجة سخط عارمة ضد الفساد وسوء الإدارة.
نوه محتجون إلى أن قوات الأمن لم تكتف بالرد العنيف في الميدان، بل امتد القمع إلى مراكز الاحتجاز، حيث تعرّض الموقوفون لمعاملة مهينة وتنكيل بدني ممنهج، أسفر عن نقل عدد من الطلاب إلى المستشفيات بعد إصابات خطيرة في الرأس والصدر والأطراف.
زعم بعض الموقوفين أن الاستجوابات داخل أقسام الشرطة كانت مصحوبة بشتائم وضرب وتهديدات مباشرة، ما ينسف تمامًا أي ادعاءات رسمية بشأن التعامل “المهني” مع المظاهرات، ويكشف تورطًا واضحًا في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.
لفت مراقبون إلى أن هذا القمع الأمني الواسع ترافق مع صمت رسمي مريب، وغياب تام لأي مساءلة واضحة للمعتدين، في وقت تتصاعد فيه المطالب بإجراء تحقيق فوري ومستقل لمحاسبة المتورطين، خصوصًا أن بعض الاعتداءات وثّقتها لقطات مصورة أظهرت عناصر شرطة تعتدي بلا تمييز على المتظاهرين.
استرسل شهود من بلغراد في وصف مشاهد الرعب التي عمّت شوارع المدينة، حيث انتشرت الحواجز الأمنية، وتحولت المناطق القريبة من الجامعات إلى ساحات اعتقال مفتوحة، وسط صرخات الطلبة، ونداءات الاستغاثة التي لم تجد من يستجيب لها.
أوضح مشاركون في الاحتجاجات أن عشرات آلاف خرجوا للتظاهر ليس فقط للمطالبة بانتخابات، بل للاحتجاج على تدهور الأوضاع العامة في البلاد، وانتشار الفساد، وتزايد معدلات البطالة، وتدهور مستويات التعليم والصحة، وهو ما قابله النظام باستخدام كل أدوات الترهيب.
أعلن شهود عن عمليات اقتحام مفاجئة لبعض التجمعات السلمية في المدن الكبرى، تخللها اعتداء مباشر على محامين كانوا يشاركون كمراقبين، ما اعتُبر استهدافًا مباشرًا لأي صوت قد يسعى لكشف الحقيقة أو الدفاع عن المحتجين.
استدرك مراقبون بالقول إن الطريقة التي تعاملت بها السلطات الأمنية في صربيا مع المحتجين تمثل مؤشرًا خطيرًا على انزلاق الدولة إلى مزيد من الاستبداد، وتهدد بتحويل أي حراك شعبي مستقبلي إلى مجازر صامتة تُنفذ خلف جدران مراكز الشرطة وأروقة المحاكمات الملفقة.
طالب ناشطون بضرورة تدخل عاجل من المجتمع الدولي لوقف هذا الانفلات الأمني الخطير، وإجبار السلطات الصربية على احترام حقوق مواطنيها في التعبير والتظاهر، لا سيما أن هذه الحملة القمعية ليست الأولى، بل تأتي ضمن سلسلة متصاعدة من السياسات البوليسية.
نبهت جهات حقوقية إلى أن السماح باستمرار هذه الانتهاكات سيحول صربيا إلى ساحة مفتوحة للقمع الممنهج، حيث تُصادر الحريات تحت ذريعة حفظ النظام، ويُمارس البطش باسم القانون، دون محاسبة أو رقابة حقيقية.