أخبار العالم

الرئيس الكاميروني يعلن سعيه لولاية ثامنة وسط جدل داخلي واستياء شعبي

في خطوة تثير كثيرًا من الجدل داخل الأوساط السياسية والشعبية في الكاميرون، أعلن الرئيس الحالي بول بيا عزمه خوض غمار الانتخابات الرئاسية المقبلة المقررة في أكتوبر 2025، سعيًا للفوز بولاية ثامنة على رأس السلطة.

يأتي هذا الإعلان ليعيد طرح أسئلة قديمة متجددة حول مستقبل الديمقراطية في البلاد، ومدى قدرة النظام السياسي الكاميروني على التجدد ومواكبة التغيرات الإقليمية والدولية.

الرئيس الذي يحكم البلاد منذ أكثر من أربعة عقود، يُعد من بين أطول القادة الأفارقة بقاءً في السلطة، حيث تولى مقاليد الحكم منذ عام 1982. خلال هذه السنوات، شهدت الكاميرون تغيرات كبيرة على المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، لكن كثيرًا من المراقبين يربطون بقاءه في الحكم بحالة من الجمود السياسي، وغياب التداول السلمي للسلطة.

إعلان الترشح الجديد أثار ردود فعل متباينة داخل الكاميرون وخارجها. ففي حين رحب أنصاره بما وصفوه بـ”الاستمرارية والاستقرار”، عبّر منتقدوه عن قلقهم إزاء ما وصفوه بترسيخ الحكم الفردي وتهميش مؤسسات الدولة، مطالبين بإصلاحات ديمقراطية حقيقية تتيح للشباب والنخب السياسية الجديدة فرصة للوصول إلى السلطة.

ومن بين القضايا التي تعزز الانتقادات الموجهة للنظام الحالي، مسألة الحريات العامة وحقوق الإنسان، إذ تتهم منظمات حقوقية السلطات بممارسة التضييق على المعارضين وقمع المظاهرات، في مقابل تزايد مؤشرات الفساد، وضعف الشفافية في إدارة الموارد العامة، خاصة في قطاعات الطاقة والبنية التحتية.

الجدير بالذكر أن الساحة السياسية الكاميرونية تعاني من حالة من الضعف والتشرذم، ما يجعل المعارضة غير قادرة على تشكيل جبهة موحدة لمنافسة جدية على الحكم، وهو ما يعزز من فرص بقاء الرئيس الحالي في السلطة لفترة إضافية، خاصة مع سيطرة حزبه على المؤسسات التشريعية والإدارية.

في الوقت ذاته، تواجه الكاميرون تحديات أمنية واقتصادية معقدة، أبرزها استمرار النزاع في المناطق الناطقة بالإنجليزية، وتصاعد التوترات الداخلية بسبب التفاوت التنموي بين الأقاليم، فضلاً عن تراجع النمو الاقتصادي نتيجة تذبذب أسعار المواد الأولية عالميًا وتغير المناخ.

ويُتوقع أن تكون الانتخابات المقبلة محط أنظار إقليمية ودولية، في ظل تنامي الضغوط على الأنظمة الأفريقية لاحترام المبادئ الديمقراطية، وتداول السلطة، لا سيما من قبل المانحين الدوليين والمنظمات الإقليمية التي تربط مساعداتها بالتقدم في ملف الإصلاحات السياسية والحوكمة.

يبقى السؤال المطروح: هل ستمثل انتخابات 2025 فرصة حقيقية للتغيير في الكاميرون، أم أنها ستكون مجرد محطة لتكريس الوضع القائم؟ الإجابة ستتحدد في الأشهر المقبلة، مع بدء الحملات الانتخابية واتضاح مواقف القوى السياسية الفاعلة في البلاد.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى