الأسواق الأوروبية تتكبد خسائر واسعة بعد تلويح واشنطن برسوم تجارية جديدة

شهدت مؤشرات الأسهم الأوروبية تراجعًا ملحوظًا خلال تعاملات اليوم، وسط أجواء من الترقب والقلق في أوساط المستثمرين، وذلك عقب تصاعد نبرة التهديدات التجارية الصادرة عن الولايات المتحدة تجاه شركائها التقليديين، وتحديدًا الاتحاد الأوروبي والمكسيك.
تأتي هذه التطورات بعد أن أُلمِح من الجانب الأمريكي إلى إمكانية فرض رسوم جمركية جديدة، وهو ما أعاد إلى الأذهان أجواء الحروب التجارية التي شهدها العالم في السنوات الماضية.
رد فعل الأسواق جاء سريعًا، حيث هبطت مؤشرات بورصات رئيسية مثل فرانكفورت وباريس ومدريد، مدفوعة بمخاوف من تضرر قطاعي الصناعة والتصدير، وهما من أعمدة الاقتصاد الأوروبي.
كما تراجعت أسهم شركات السيارات والطيران والآلات الثقيلة على وجه الخصوص، نظرًا لاعتمادها الكبير على الصادرات للأسواق الخارجية، وخصوصًا الأمريكية.
ويخشى المستثمرون من أن تؤدي هذه الرسوم، في حال فرضها، إلى تداعيات سلبية واسعة تشمل تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو وارتفاع معدلات التضخم، إضافة إلى تزايد الضغوط على سلاسل التوريد العالمية، التي لا تزال تعاني من تبعات الجائحة وتوترات سابقة في التجارة الدولية.
التصريحات الأمريكية التي أثارت هذه الموجة من القلق، لم تأتِ في سياق مفاوضات مباشرة، بل جاءت على هيئة تلميحات تحمل نبرة تصعيدية، مما جعلها أكثر غموضًا وصعوبة في التفسير. ويرى مراقبون أن هذه الاستراتيجية قد تكون جزءًا من أدوات ضغط تهدف إلى إعادة التفاوض على بعض الملفات التجارية العالقة، خاصة في قطاعات الفولاذ، والسيارات، والمنتجات الزراعية.
ويُشير محللون إلى أن استخدام الأدوات الجمركية كسلاح تفاوضي أصبح سمة ملازمة للسياسات الاقتصادية الأمريكية في السنوات الأخيرة، وهو ما يجعل الأسواق أكثر عرضة للتقلبات الحادة كلما ظهرت إشارات على احتمال تصعيد في هذا المسار.
من ناحية أخرى، لم تصدر حتى الآن ردود فعل رسمية من بروكسل أو مكسيكو سيتي، غير أن مصادر اقتصادية أوروبية أكدت أن هناك تحضيرات داخلية تُجرى في بعض العواصم الأوروبية لبحث الخيارات المتاحة، بما في ذلك إمكانية اتخاذ تدابير مضادة في حال تم تنفيذ التهديدات الأمريكية.
أما على مستوى العملات، فقد سجل اليورو تراجعًا أمام الدولار، في إشارة إلى تحول المستثمرين نحو الملاذات الآمنة، مثل الذهب والسندات الحكومية الأمريكية، في ظل تزايد حالة عدم اليقين.
يأتي هذا التصعيد المحتمل في وقت دقيق للغاية، إذ لا تزال الاقتصادات العالمية تحاول التعافي من آثار التضخم المرتفع وتشديد السياسات النقدية، ما يجعل أي توتر تجاري جديد عبئًا إضافيًا على كاهل الأسواق العالمية.
وبينما تترقب الأسواق ما إذا كانت التهديدات ستتحول إلى إجراءات فعلية، تبقى الأعين مركزة على تطورات المفاوضات المقبلة، وعلى قدرة الشركاء التجاريين التقليديين على احتواء الخلافات وتفادي الانزلاق إلى مواجهة تجارية شاملة قد تؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي بأكمله.