مصر

مأساة متواصلة في غزة: 800 قتيل في صراع البقاء من أجل الغذاء

في ظل تفاقم الأوضاع الإنسانية الكارثية في قطاع غزة، كشفت بيانات أممية حديثة عن حصيلة صادمة لضحايا المدنيين الذين سقطوا خلال محاولاتهم الوصول إلى المساعدات الغذائية، حيث قُتل ما يقارب 800 فلسطيني منذ نهاية مايو الماضي. هذه الأرقام تعكس تصاعدًا مقلقًا في عدد الضحايا الذين يسقطون نتيجة الفوضى والانهيار التام في المنظومة الإنسانية داخل القطاع المحاصر.

منذ أشهر، يعيش سكان غزة أوضاعًا غير مسبوقة من الجوع والعطش والمرض، في ظل ندرة المواد الغذائية وانقطاع إمدادات المياه والدواء، بالتزامن مع استمرار العمليات العسكرية التي تفرض مزيدًا من المعاناة اليومية على المدنيين، لا سيما في مناطق الشمال والوسط التي شهدت دمارًا واسعًا وتشريدًا قسريًا لمئات الآلاف من الأسر.

وتشير التقارير إلى أن الكثير من الضحايا سقطوا أثناء محاولاتهم الوصول إلى شاحنات المساعدات، سواء جراء إطلاق النار، أو نتيجة التدافع والازدحام في نقاط التوزيع، أو بسبب انهيارات بنيوية في الأمن والنظام في المناطق التي باتت خارج سيطرة أي جهة منظمة. وتفاقمت الأزمة بسبب عجز المنظمات الإغاثية عن الوصول الآمن إلى المحتاجين في الوقت المناسب، نتيجة القيود اللوجستية والأمنية المفروضة على الأرض.

وبينما تستمر النداءات الدولية بضرورة حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، تشير المعطيات الميدانية إلى اتساع فجوة الثقة بين السكان والمؤسسات الدولية، في ظل تكرار مشاهد العنف وسقوط الضحايا في كل محاولة لتوزيع الإغاثة، ما يعكس فشلًا دوليًا واضحًا في فرض ممرات إنسانية آمنة ومستقرة.

وتبدو الكارثة مرشحة للتفاقم مع استمرار الانهيار الاقتصادي الكامل وغياب الخدمات الأساسية. فالأرقام لا تروي وحدها حجم المعاناة؛ فهناك آلاف المصابين، والعديد من العائلات التي فقدت معيلها، وأطفال يُتركون بلا طعام أو مأوى. كما أن النزوح الجماعي داخل القطاع زاد من حدة الضغط على ما تبقى من موارد ومرافق، ما يُنذر بكارثة صحية واجتماعية شاملة.

ويرى مراقبون أن غياب حل سياسي وغياب تدخل فعال من الأطراف الفاعلة دوليًا، يُبقي الأوضاع مرشحة للمزيد من التصعيد والمعاناة، في وقت تبدو فيه المبادرات الإنسانية مجرد إسعافات أولية لا تعالج جذور الأزمة.

في هذا السياق، تتعالى الأصوات المطالبة بتدخل دولي عاجل، لا يقتصر على تقديم الغذاء، بل يشمل فرض حماية للمدنيين، وإيجاد آلية دولية تضمن إيصال المساعدات بعيدًا عن مناطق القتال، ووضع حدٍ للحصار الذي يحول دون بقاء السكان على قيد الحياة.

يبقى المشهد في غزة مرآة دامية لفشل النظام الدولي في حماية الإنسان، حيث تحوّل الحصول على رغيف الخبز إلى مغامرة مميتة يدفع ثمنها الأبرياء كل يوم.

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى