تصعيد جديد في الحرب الأوكرانية: دعم أمريكي متطور وتهديدات اقتصادية لروسيا

في تحول لافت ضمن مشهد الحرب المستعرة في شرق أوروبا، برزت تصريحات أمريكية حادة تحمل في طياتها دعمًا عسكريًا متقدمًا لأوكرانيا، متزامنًا مع تصعيد اقتصادي موجه ضد روسيا، مما يعكس تغيّرًا واضحًا في وتيرة الخطاب الغربي تجاه موسكو، ويعيد إلى الواجهة تساؤلات كبرى حول مستقبل النزاع وتوازن القوى الإقليمية
ففي خطوة اعتبرها مراقبون بمثابة رسائل مزدوجة – عسكرية وسياسية – أعلنت الإدارة الأمريكية عن صفقة أسلحة جديدة لصالح أوكرانيا، تتضمن تزويدها بمنظومات دفاع جوي من طراز “باتريوت” في نسخ متطورة وحديثة، قادرة على تعزيز قدرة كييف على التصدي للهجمات الجوية والصاروخية الروسية المتواصلة. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها واحدة من أكثر أشكال الدعم النوعي التي حصلت عليها أوكرانيا حتى الآن، نظراً لما تمثّله منظومات “باتريوت” من قيمة استراتيجية في ميادين القتال الحديثة.
وتأتي هذه التطورات في وقت تتسارع فيه الأحداث على الأرض، حيث تواصل القوات الروسية شنّ هجماتها في مناطق متفرقة من الأراضي الأوكرانية، ما أدى إلى موجة جديدة من الدمار والنزوح، وسط تقارير تتحدث عن استخدام أسلحة دقيقة وطائرات مسيّرة في الهجمات الأخيرة. وفي المقابل، تسعى أوكرانيا إلى كسر هذا الزخم الروسي من خلال تعزيز دفاعاتها الجوية وحشد دعم غربي أكبر، وهو ما بدا واضحًا من التصريحات الأمريكية الأخيرة.
لكن الدعم العسكري لم يكن الرسالة الوحيدة الموجهة إلى موسكو. فقد ترافقت تلك الإعلانات مع تهديدات أمريكية مباشرة بفرض رسوم جمركية عقابية على روسيا قد تصل إلى 100%، في حال لم تُوقف عملياتها العسكرية خلال فترة زمنية حُدّدت بخمسين يومًا. ويرى محللون أن هذه المهلة تحمل في طياتها محاولة لدفع موسكو نحو مراجعة موقفها، عبر استخدام أدوات اقتصادية تهدف إلى إحداث ضغط مضاعف على الاقتصاد الروسي الذي يعاني أصلًا من العقوبات الغربية المستمرة منذ عام 2014 وتزايدت بعد اندلاع الحرب الشاملة في فبراير 2022.
وبينما لم يصدر رد روسي رسمي حتى الآن على هذه التصريحات، إلا أن توقيتها يشير إلى أنها جزء من تصعيد منظم ضمن إطار الردع الأمريكي، الذي يهدف إلى خلط الأوراق ميدانيًا وإجبار الكرملين على الدخول في حسابات جديدة. في المقابل، يرى مراقبون أن هذه التحركات قد تؤدي إلى مزيد من التوتر، وتقلل من فرص الحل السياسي، خصوصًا مع اقتراب موسم الشتاء الذي عادة ما يشهد تعقيدًا في العمليات العسكرية واللوجستية.
التحركات الأخيرة تأتي كذلك في سياق التحضير للمرحلة المقبلة من الصراع، والتي قد تشهد إعادة تموضع للأطراف وفتح جبهات جديدة، مما يزيد من أهمية الدعم الغربي لكييف في هذا التوقيت الحرج. وتبقى الأنظار متجهة إلى مدى التزام واشنطن بوعودها، وقدرة موسكو على امتصاص الضغوط الاقتصادية والعسكرية المتزايدة، في ظل تصاعد الأصوات الدولية المطالبة بوقف إطلاق النار والدخول في مفاوضات جدية تنهي الحرب المستمرة منذ أكثر من عامين.