مقالات وآراء

ماهر المذيوب يستعرض محطات التحول السياسي في علاقة حركة النهضة بالدولة التونسية: من المواجهة إلى المصالحة الشاملة

تناول ماهر المذيوب، عضو مجلس نواب الشعب بالجمهورية التونسية عن دائرة الدول العربية وبقية دول العالم، ومساعد رئيس المجلس للفترة النيابية 2019–2024، في بيان تحليلي موقف حركة النهضة التونسية من الدولة الوطنية منذ 25 يوليو 2021، مؤكدًا أن الحركة انتقلت من المواجهة إلى المصالحة، ومن الصدام إلى الاندماج في الدولة، كمواطنين ومؤسسات قانونية محترمة، رغم ما تعرضت له من تضييقات وانتهاكات.

وأشار المذيوب إلى أنه يوم 26 يوليو 2021، وعلى إثر اجتماع مكتب مجلس نواب الشعب واعتداء بعض العناصر على سيارة الأمن الرئاسي، اتخذ رئيس المجلس راشد الغنوشي قرارًا بمغادرة الموقع وحقن الدماء، تجنبًا لأي صدام مع مؤسسات الدولة، وذلك رغم تمسكه بالشرعية الدستورية وحقه في المقاومة السلمية.

قرارات استراتيجية من داخل الأزمة

وأوضح المذيوب أنه في 31 مارس 2022، وبعد أن أعلن قيس سعيّد حلّ مجلس النواب عقب جلسة عامة انعقدت عن بُعد، قرّر راشد الغنوشي – بصفته رئيسًا للمجلس – عدم عقد أي جلسات أخرى، ورفض ازدواجية الشرعية التي قد تؤدي إلى انقسام البلاد.

وأكد أن الحركة، منذ يوليو 2021، تبنت خيار المقاومة المدنية السلمية، مع الامتناع التام عن تصدّر أي فعاليات احتجاجية أو نضالية، في رسالة واضحة بأنها حزب قانوني سلمي لا يسعى إلى الفوضى أو العنف.

رفض البرلمان البديل وحكومة الظل

وشدد المذيوب على أن الشيخ راشد الغنوشي رفض خلال الفترة من منتصف 2022 حتى منتصف 2023 مقترحات متعددة لتشكيل “برلمان في المهجر” أو “حكومة ظل”، احترامًا للدولة التونسية، وحرصًا على عدم بثّ بذور الانقسام، مؤكدًا أن كل الخلافات مع السلطة يجب أن تُحلّ عبر القانون وحده.

اعتقال الغنوشي… واستمرار السلمية

روى المذيوب تفاصيل اعتقال الغنوشي ليلة 17 أبريل 2023، في أواخر رمضان، عندما اقتحمت قوة أمنية منزله واعتقلته من أمام أسرته، ليظل منذ ذلك الحين معتقلًا لأكثر من 800 يوم، رغم كونه رجل دولة ومفكر سياسي يبلغ من العمر 84 عامًا.

وأضاف أن الانتهاكات طالت قيادات عديدة من الحركة، وتم إغلاق جميع مقراتها في العاصمة والمحافظات، إلا أن النهضة – بحسب المذيوب – جددت التزامها بعدم العودة إلى المواجهة منذ عام 1991، ورفضها للعنف بشكل ديني وقانوني وأخلاقي.

خاتمة الموقف: المصالحة لا الانقسام

وأكد المذيوب في نهاية بيانه أن الخلاف مع رأس النظام حول خياراته وسياساته لا يعني التخلي عن احترام الدولة، بل هو نزاع سياسي يجب أن يُدار ضمن المؤسسات القانونية والدستورية، وليس عبر التخوين أو الإقصاء.

واستشهد ببيت شعر للشاعر محمد الصغير أولاد أحمد، يعكس صمود النهضويين وإيمانهم بالعودة رغم النفي والتشريد:

“لو قتلونا، كما قتلونا،
ولو شرّدونا، كما شرّدونا،
ولو أبعدونا لبرك الغماد،
لعدنا غزاةً لهذا البلد.”

وكان النص كالتالى

المزيد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى