منصة استثمار وهمية توقع بـ537 مواطنًا وتنهب 16 مليون جنيه بخدعة رقمية

في تطور جديد يعكس تصاعد الجرائم المالية الرقمية، قررت النيابة العامة إحالة 20 متهمًا إلى محكمة الجنايات الاقتصادية، بعد ثبوت تورطهم في قضية نصب واسعة النطاق استهدفت مئات المواطنين عبر منصة إلكترونية احتيالية تحمل اسمًا وهميًا.
التحقيقات كشفت أن المتهمين تمكنوا من الاستيلاء على قرابة 16 مليون جنيه من 537 ضحية، بعد أن أوهموهم بتحقيق أرباح خيالية من خلال ما سُوّق على أنه نشاط استثماري في مجالات الفوركس والعملات الرقمية.
المنصة، التي لم تكن سوى واجهة لعملية احتيال منسقة، قدمت نفسها ككيان متخصص في التداول الإلكتروني، حيث اعتمدت على أساليب دعائية رقمية متقنة، واستغلت وسائل التواصل الاجتماعي في الترويج لمزاعم الأرباح المضمونة والنسب العالية للعوائد اليومية.
وقد ساهم تصميمها الاحترافي، مع واجهة استخدام تحاكي المنصات المالية الحقيقية، في تضليل الضحايا، ودفعهم إلى ضخ مدخراتهم دون تحقق أو تدقيق.
وبحسب بيانات التحقيق، كان المتهمون يرسلون تقارير مزيفة تظهر أرباحًا متصاعدة للمستثمرين، لتشجيعهم على إيداع مبالغ إضافية. لكن ما أن تصل تلك الأموال إلى أيدي الشبكة حتى تبدأ في الاختفاء عبر تحويلات بنكية متفرقة، وشركات وهمية، وأسماء مستعارة، لتختفي لاحقًا أي إمكانية للاسترداد. بعض الضحايا حاولوا سحب أرباحهم المزعومة، لكنهم وُوجهوا بحجج تقنية متكررة، وأعذار إجرائية متعمدة، إلى أن تبين لهم في النهاية أنهم وقعوا في فخ احتيالي ممنهج.
ويعكس هذا الحادث أحد أخطر أنماط الجريمة المالية الحديثة، التي تستغل الطفرة الرقمية والثقة الزائدة لدى شريحة من المستثمرين في أدوات التكنولوجيا المالية. كما يبرز غياب الوعي الرقمي والمالي لدى فئات واسعة من المستخدمين الذين يقعون ضحية لعروض مغرية تتعهد بتحقيق الثراء السريع دون فهم كافٍ لطبيعة المخاطر أو الجهات المنظمة لهذا النوع من النشاط.
من ناحية أخرى، تشير مصادر مطلعة إلى أن السلطات تتابع حاليًا مسار الأموال التي تم الاستيلاء عليها، في محاولة لاستعادتها، وسط توقعات بأن تتوسع التحقيقات لتشمل شركاء آخرين في دول مختلفة ساهموا في تسهيل عمليات غسل الأموال الناتجة عن تلك الأنشطة.
وفي الوقت الذي تُثمن فيه الجهات القضائية هذا التحرك السريع في ملاحقة الجناة، تتصاعد الدعوات إلى تعزيز منظومة الحماية القانونية للمستهلكين في الفضاء الرقمي، ووضع ضوابط أشد صرامة على المنصات التي تروج لأنشطة استثمارية غير مرخصة، فضلاً عن إطلاق حملات توعية تشرح الفرق بين الاستثمار القانوني وبين الاحتيال المقنّع.
القضية، التي لا تزال محل اهتمام الرأي العام، تفتح باب النقاش مجددًا حول الحاجة لتشريعات مرنة تواكب تطور أساليب الاحتيال الإلكتروني، وتُعزّز من قدرات الجهات الأمنية والرقابية على التتبع الرقمي، قبل أن تتفاقم مثل هذه الوقائع وتُخلّف المزيد من الضحايا.